السؤال
شخص مغترب عن بلده، اتصل بوالده، وقال: أريد أن أتزوج بنت فلان، فذهب الأب إلى أبي البنت، ووافقوا كلهم على الزواج، فأحضر أبو الشخص شيخًا، وذهب به إلى أبي البنت، وكتبوا عقد الزواج دون شهود، فهل الزواج هذا صحيح؟ مع العلم أن الزوج قد أنجب من الزوجة أولادًا، وما الواجب عمله الآن؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال كما ذكرت، فإن هذا النكاح فاسد عند الجمهور؛ لأن الإشهاد لا بد منه، وذلك لما أخرجه أحمد، وغيره من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل.
وقد رأى الزهري، وأبو ثور، وابن المنذر أن النكاح يصح بلا شهود، وهو مروي عن الإمام أحمد، جاء في المغني لابن قدامة: الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَصِحُّ بِغَيْرِ شُهُودٍ. وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَالِمٌ وَحَمْزَةُ ابْنَا ابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونُ، وَالْعَنْبَرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. انتهى.
ولكن القول باشتراط الإشهاد في النكاح هو القول الراجح، وهو قول الحنفية، والمالكية، والشافعية، والقول المعتمد في مذهب الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: إن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين، هذا المشهور عند أحمد. انتهى.
وقال الدردير من المالكية: وفسخ إن دخلا بلاه، أي: بلا إشهاد بطلقة؛ لصحة العقد بائنة؛ لأنه فسخ جبري. انتهى.
وقال صاحب المجموع من الشافعية: ولا يصح إلا بعدلين. اهـ
لذا؛ فمن المفترض على الرجل إذا أراد الاستمرار مع هذه البنت أن يعقد عليها عقدًا صحيحًا مستوفيًا للشروط، وهي موضحة في الفتوى: 7704.
وأما الأولاد، فإنهم لاحقون به، ويرثون منه، ويرث منهم؛ لأنهم نشؤوا عن وطء بشبهة يُعتقد أنه مباح، ويمكن الاطلاع على الفتوى: 17568.
والله أعلم.