السؤال
في مضمون آية: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) أي أن السماء في حالة توسع دائم، ومن المعلوم أن قدرة الله لا حصر لها، أي أنه يستطيع توسيعها إلى ما لا نهاية، فمن باب أولى أيضا أن تكون ذات الله متسعة في اللانهاية (المكان العدمي) كما ذكرتم في قواعد الأسماء والصفات: واهب الكمال أولى بالكمال من الموهوب. أهذا صحيح؟ أم أن الله لا يوصف بالقدر. وقال ابن عثيمين -رحمه الله- أن العالم أو قال شيء آخر لا أذكره في كف الرحمن أصغر من الخردلة في يد أحدنا، وهذا على سبيل التقريب، فالذي أراه أنه -رحمه الله- أثبت القدر.
وهل إثباته هذا إثبات قدر معين، بحيث يقصد أن كف الله له قدر ليس أكبر من قدر آخر. أرجو التوضيح.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي ضوء العلوم الحديثة، يثبت العلماء المعاصرون أن الكون يتوسع منذ أن خلق، ولكنهم يقولون أيضا: إن هذا التوسع لن يستمر إلى ما لا نهاية، بل سيصل إلى مرحلة لن يعود قادرًا بعدها على التوسع؛ لأن هذا التوسع يحتاج إلى طاقة عظيمة، وطاقة الكون محدودة، ولذلك سيصل إلى نقطة حرجة، ثم يبدأ بعدها بالانطواء على نفسه، ويعود كما بدأ. ويذكرون في ذلك قوله تعالى: يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ {الأنبياء:104} كما يذكرون في مسألة التوسع قوله تعالى: وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ {الذاريات:47}.
ولذلك سبق أن نبهنا في الفتوى: 35709 على أن نظرية الانفجار العظيم في تفسير بداية الكون، يقابلها في تفسير نهايته نظرية الانسحاق العظيم.
وأما الله تعالى والكلام عن صفاته، فلا يسوغ أن يكون بطريق العقل المجرد، والاستنتاج النظري، فقد قال تعالى: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:74} وانظر الفتوى:197971. ومن جملة ذلك وصف ذات الله تعالى بالاتساع إلى ما لا نهاية! فهذا من ضرب الأمثال لله -عز وجل-. وقد تكلم أهل العلم في مسألة إثبات حد لله تعالى أو نفيه عنه، وهي من مسائل الخلاف الشائك، وخلاصة القول فيها: أن لله تعالى حدا، ولكن لا يعلمه أحد غيره. وراجع في تفصيل ذلك الفتوى: 234334. وأما كلام الشيخ ابن عثيمين فراجع فيه الفتوى: 411757.
والله أعلم.