السؤال
بارك الله فيكم وفي جهودكم. سؤالي هو: أنا شاب عمري 19 سنة، ووالدي رجل دين، ومحفظ، ومتدين، ولكن مشكلتي أنه يجبرني على عدم ارتكاب مكروه، ومن نقاشي معه أحس منه أنه يحرم المكروه؛ مثل القزع، والذي هو في الأغلب مكروه، أو حتى لبس الشورت الذي يظهر الركبة، ولا أدري لماذا يكره مني ذلك مع جوازه؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك أولا على كتابتك إلينا، وثقتك بنا، فجزاك الله خيرا.
وينبغي أن تعلم أنك في نعمة عظيمة أن وهبك الله -عز وجل- أبًا على استقامة على الطاعة، ومحفظ للقرآن، فكثير من الشباب يتمنى أن يكون لهم أب مثله. والأب الأصل فيه أنه حريص على ما فيه مصلحة ولده الدينية والدنيوية، وهذه الحقيقة إن لم تدركها الآن، فسوف تدركها مستقبلا.
والقزع مكروه كما ذكرت، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 234865، وقد نص أهل العلم على وجوب طاعة الوالدين في فعل المكروه إذا أمرا به، فما بالك بطاعتهما في النهي عنه. ويمكنك مراجعة فتوانا: 96815. والركبة ليست داخلة في العورة؛ لأن عورة الرجل ما بين السرة والركبة، كما بيناه في الفتوى: 19890، وقد أوضحنا فيها جواز لبس الشورت إذا كان لا يظهر إلا الركبة، ولا يظهر شيئا من العورة.
ومع هذا فالذي يظهر لنا - والله أعلم - أنه يجب عليك أيضا طاعة أبيك فيه؛ فقد ذكر أهل العلم أنه يجب على الولد أن يطيع والديه فيما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة على الولد، وهو مبين في الفتوى: 76303، ولا يخفى أن أباك محل قدوة، فيتأذى أن يرى ابنه على مثل هذه الحال من اللباس، ولا يلحقك أنت ضر إن لم تلبس الشورت، بل من مصلحتك أن تكسب رضا أبيك، روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
وننبه إلى بعض الأمور، ومنها:
الأمر الأول: أن القزع يمكن أن يكون محرما، وذلك فيما إذا فعل بقصد التشبه بالكفار، وهو غالب حال كثير من الشباب اليوم.
قال ابن عثيمين: القزع كله مكروه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأي صبيًّا حلق بعض رأسه، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحلق كله، أو يترك كله، لكن إذا كان قزعًا مشبهًا للكفار فإنه يكون محرمًا؛ لأن التشبه بالكفار محرم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. اهـ.
الأمر الثاني أن لبس مثل هذا الشورت يمكن أن يظهر شيئا من العورة عند الجلوس ونحو لك.
الأمر الثالث: كن حريصا على أن لا تفوتك فرصة العمر بنشأتك على طاعة الله -عز وجل- لتكون ممن يستظلون بظل عرش الرحمن يوم القيامة. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 249454.
والله أعلم.