السؤال
مشكلتي هي أني شاب في العشرينيات، وأصابني منذ سبع سنوات مرض في الأعصاب. والآن حالتي جيدة، وأتناول أدوية، ومع هذا فإني قوي الشهوة وأخاف على نفسي الزنى. وأفكر في بعض الأحيان أن أذهب إلى بيوت الدعارة، والله لولا الوازع الديني الذي عندي -وهو ضعيف في هذا الباب- ولولا مخافتي الفضيحة والعار، لذهبت إلى هذه البيوت كلما أحسست شهوة، وإذا فعلت ذلك لا شك أني معرض لغضب الله وعقابه، وأيضا الأمراض الخطيرة.
بلغ حد الشهوة عندي أني أفكر أن أفعل الفاحشة مع كل امرأة ولو كانت من محارمي، أسأل الله العفو والعافية، والله إنها فتنة عظيمة والحل الوحيد في هذه الأزمة أن أتزوج، والزواج يتطلب مالا، وتريد الزوجة والعيال بعد ذلك ضرورياتهم من نفقة وكسوة، وأنا لا أجد عملا، وإن وجدت لا أطيق تحمله لمرضي هذا ويشق علي كثرة الكلام.
فهل يجوز لي أن أعمل في سوق فوركس الإسلامي وإن كانت فيه بعض المحاذير من باب ارتكاب أخف المفسدتين؟
أخلصوا لي النصيحة بارك الله فيكم. أسألكم بالله أجيبوا على سؤالي قبل رمضان؛ لأني بحاجة ماسة إلى الجواب.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تخشى على نفسك الوقوع في الحرام، فالواجب عليك المبادرة بالزواج، ولا يحل لك تأخيره مع القدرة عليه.
قال البهوتي -رحمه الله- في شرح منهى الإرادات: وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ، وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا, مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفِهَا عَن الْحَرَامِ, وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ. انتهى.
ولا يمنعك من الإقدام على الزواج عدم قدرتك على الإنفاق.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: .. وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين القادر على الإنفاق والعاجز عنه. وقال: ينبغي للرجل أن يتزوج، فإن كان عنده ما ينفق أنفق، وإن لم يكن عنده صبر. ولو تزوج بشر كان قد تم أمره. واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح وما عنده شيء، ويمسي وما عنده شيء. وإن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا لم يقدر إلا على خاتم حديد، ولا وجد إلا إزاره، ولم يكن له رداء. أخرجه البخاري. قال أحمد في رجل قليل الكسب يضعف قلبه عن العيال: الله يرزقهم، التزويج أحصن له، ربما أتى عليه وقت لا يملك قلبه فيه، وهذا في حق من يمكنه التزويج. فأما من لا يمكنه فقد قال الله تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله. انتهى.
وإلى أن يتيسر لك الزواج، فعليك أن تصبر وتستعف، وتكثر من الصوم مع حفظ السمع والبصر، ولمعرفة بعض الوسائل التي تعين على التغلب على الشهوة، راجع الفتويين: 36423 ، 23231
واسلك سبل الكسب الحلال، واحذر من الكسب الحرام سواء كان عن طريق الفوركس أو غيره.
وإذا خلت تجارة الفوركس من الرافعة المالية، وانضبطت بالضوابط الشرعية؛ فهي جائزة، وراجع الفتويين: 246202 و 361300
واعلم أنّ العبد إذا كان حريصاً على مرضاة الله واجتناب سخطه، وكان متوكلاً على الله؛ فسوف يرزقه رزقاً طيباً، ويكفيه ما يخاف، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}
ولمزيد الفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.