الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من استقدم سائقًا فعمل عند غيره، فهل له أخذ مال منه مقابل ذلك؟

السؤال

أنا شاب في منتصف العمر، وعلى قدر حالي، قررت أن أسعى للرزق الذي كتبه الله لي، فرأيت أن أضع سائقًا على إقامتي، وأوفّر له سيارة يوصل بها طلبات، وآخذ منه مبلغًا محددًا كل شهر، وبعد أن عملت له إقامة، بدأت بالبحث عن سيارة له، وبعد فترة تفاجأت أن السائق يعمل في مطعم، فقلت له: لماذا لم تخبرني؟ وكيف لك أن تعمل في مطعم، وإقامتك فيها أنك سائق، وهذا الشيء يمكن أن يعود بالضرر عليّ، فقال لي: إنه سقط على ظهره، ولا يريد العمل سائقًا؛ لأن الجلوس يسبّب له ألمًا، وإنه يريد أن يعمل في مطعم، فغضبت منه؛ لأني أجهدت نفسي في المراجعات، والبحث له عن سيارة، وفي الأخير لم أستفد أي شيء، بل إني لا أستطيع أن أدعه يعمل في مطعم؛ لأن هذا مخالف لقانون الدولة، وسوف يعود بالضرر عليّ، فهل يجوز أن آخذ منه مالًا؛ لأنه أخلّ بالعقد الذي بيني وبينه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا السائق أخلّ بالعقد معك، فلك أن تفسخ العقد، وأن تنهي وضعه على إقامتك.

وأما أن تأخذ منه مالًا، فلا نرى لذلك وجهًا شرعيًّا! ولا سيما إن كان امتناعه عن العمل سائقًا بسبب حادث أصابه لا يستطيع معه العمل سائقًا.

والأصل هو حرمة مال المسلم، فلا يؤخذ إلا بحق، وإلا كان من أكل المال بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه. رواه مسلم.

فينبغي أن ينظر من يأخذ مالًا من أخيه المسلم، بأي شيء يستحلّ هذا المال، كما أشار إليه حديث حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمر التمر حتى يزهو. فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمرّ، وتصفرّ. أرأيت إن منع الله الثمرة، بم تستحلّ مال أخيك؟ رواه البخاري، ومسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني