السؤال
ماذا يفعل من فعل كل الحلول، واتخذ كل إجراءات العفة، ولم يستطع؟ والله؛ إني جربت كل شيء من صوم، ودعاء، ولا زلت لا أستطيع أن أحفظ نفسي من العادة السرية، والإباحية، حتى ونحن في رمضان، فقد أمنع نفسي لمدة أقصاها ستة أيام، وفي اليوم السادس أصبح كالمجنون، ولا أهدأ؛ حتى أفعل المعصية، وقد تعبت، فأنا على هذه الحال منذ سنوات، والله إني صرت أحسد المتزوجين على زواجهم فقط، ورغم أني لا أحتاج في حياتي إلا الزواج، فأنا -ولله الحمد- أعيش في رغد، وفي نعم كثيرة، لكن صدري ضائق بسبب هذا الأمر، وأشعر أني لا أملك شيئًا بسبب هذا الأمر، وأنا في هذا الحزن والهمّ منذ سنوات، وأنا لم أتزوج حتى الآن لأني متخرج جديد، ولم أحصل على عمل حتى الآن.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعادة السرية، ويسميها العلماء: الاستمناء، عادة قبيحة، وأمر محرم، تترتب عليه الكثير من الأضرار على المسلم في دِينه، ودنياه، وسبق بيان ذلك في الفتويين: 23935، 7170.
ومن أهم ما يعين على اجتنابها - إضافة إلى الأسباب الأخرى من الصوم، والدعاء، وغيرهما-: صدق العزيمة؛ فعاقبة الصدق خير، قال تعالى: طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد:21}، وثبت في سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن بعض أصحابه: صدق الله؛ فصدقه. هذا بالإضافة إلى استشعار رقابة الله سبحانه.
ونوصيك بالسعي في أمر الزواج.
وينبغي أن لا يحول بينك وبينه كونك خريجًا جديدًا، لم تجد عملًا، فإن كانت عندك تكاليف الزواج، فأقدم عليه، وأحسن النية في ذلك بأن يكون قصدك إعفاف نفسك ابتغاء مرضاة الله عز وجل؛ فالمرجو أن يفتح الله عليك بعد الزواج من أسباب الكسب ما لا يخطر لك على بال، قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وروى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.
وإن لم يكن عندك تكاليف الزواج، فلا تيأس أيضًا، فقد تجد من الصالحين من يرتضي أمر الزواج، وترتضي موليته التي تريد الزواج منها، ولكن يجب عليك إخبارهم بحالك من الفقر، كما نص على ذلك بعض الفقهاء، قال الدسوقي المالكي في حاشيته عند الكلام عن أحكام الزواج: قال: والظاهر وجوب إعلامها بذلك، أما من كان فقره لا يمنعه من الإنفاق وتوابعه، يشرع له الزواج، كما قدمنا، وليس في زواجه ضرر بالمرأة؛ إذ ليس لها الحق في غير ما يجب لها، وهو موجود. اهـ.
وإذا لم يتيسر لك الزواج، فاتقِ الله، واصبر، واستمرّ في بذل الوسائل التي تعينك على العفّة.
واجتنب مثيرات الشهوة، من النظر المحرم، ونحو ذلك.
ونؤكد أمرَ الصدق والمراقبة، مع شغل الوقت بما ينفع، وممارسة الرياضة، ونحو ذلك، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 52466.
وننبه إلى أن المعصية في رمضان، أعظم منها في غيره، كما أن الحسنة في رمضان، أفضل أجرًا من غيره؛ فللزمان تأثيره في ذلك.
وإن مارست العادة السرية في نهار رمضان، فالنكران أشد، والإثم أعظم، وهل يجب القضاء أو لا يجب، في الحكم تفصيل سبق بيانه في الفتوى: 137897.
والله أعلم.