الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعين على نشر الدعوة ينال أجر من أعانهم

السؤال

هل يحصل لي أجر الدعوة إلى دين الله وهداية الناس للإسلام، إذا تبرعت لجمعية يتكون أعضاؤها من الشيوخ الذين يدعون إلى دين الإسلام في إفريقيا، ويهتدي -بفضل الله- بهم الناس (جمعية العون المباشر) إلى غير ذلك من الثواب الذي يحصل عليه الأطباء عندما يعالجون الفقراء بالمجان، إذا تبرعت لهؤلاء الأطباء؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا تبرعت بالمال لإحدى الجمعيات الخيرية التي يقوم عليها الثقات لنشر الخير ومساعدة المحتاجين، وكفالة الدعاة والأطباء؛ فأنت شريك في أجر تلك الأعمال الخيرية التي تنفذ عن طريق تلك الجمعية ولك -إن شاء الله تعالى- مثل أجر أولئك الدعاة الذين يدعون للإسلام، ويعلمون الناس الخير، وأولئك الأطباء الذين يعالجون الناس.
أخرج البخاري ومسلم عن زيد بن خالد -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهَّز غازيًا في سبيل الله؛ فقد غزا، ومن خلف غازيًا في سبيل الله بخيرٍ؛ فقد غزا.

قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: قال صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا) ...

وقال الطبري: وفيه من الفقه أن كل من أعان مؤمنا على عمل بر، فللمعين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرسول أن من جهز غازيا فقد غزا. فكذلك من فطر صائما أو قواه على صومه، وكذلك من أعان حاجا أو معتمرا بما يتقوى به على حجه أو عمرته حتى يأت ذلك على تمامه؛ فله مثل أجره. ومن أعان قائما بحق من الحقوق بنفسه أو بماله، حتى يعليه على الباطل بمعونته، فله مثل أجر القائم، ثم كذلك سائر أعمال البر.

وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البر، فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر والإثم مثل ما لعاملها، ولذلك نهى الرسول عن بيع السيوف في الفتنة، ولعن عاصر الخمر ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وكذلك سائر أعمال الفجور. اهـ.

وقال النووي في شرح صحيح مسلم: (من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا) أي حصل له أجر بسبب الغزو، وهذا الأجر يحصل بكل جهاد، وسواء قليله وكثيره. ولكل خالف له في أهله بخير من قضاء حاجة لهم، وإنفاق عليهم أو مساعدتهم في أمرهم. ويختلف قدر الثواب بقلة ذلك وكثرته.

وفي هذا الحديث الحث على الإحسان إلى من فعل مصلحة للمسلمين، أو قام بأمر من مهماتهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني