الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب عند اختلاف ألفاظ الحديث

السؤال

إذا كان هنالك أكثر من حديث رواه البخاري أو مسلم -ما يعني أنها صحيحة بلا شك-، وكانت ألفاظها متقاربة، أو مختلفة، لكنها تخص نفس المسألة، فبأيِّ حديث نأخذ؟ مثال على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت رجلًا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي المسلمين. رواه مسلم. وفي رواية: مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله، لأنحينّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدخل الجنة. - وفي رواية لهما: بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك على الطريق، فأخره، فشكر الله له، فغفر له.
الرواية الأخيرة جاءت دون تخصيص المسلمين، والأولى جاءت مقيدة بالمسلمين، فإذا جاءت رواية مطلقة، وأخرى مقيدة، فهل نقدم المقيدة أم المطلقة؟ وهل لي أجر إذا فعلت هذا الفعل -إماطة الأذى عن الطريق- مع الكفار المسالمين؟ وشكرًا جزيلًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عند اختلاف ألفاظ الحديث هو الرجوع لشروح هذه الأحاديث التي كتبها فحول الأئمة؛ لأن من مقاصدهم في شروحهم كشف المشكِل من معاني الأحاديث، والجمع بينها، وتأويلها عند اختلافها، وتوَهُّم التعارض بين ألفاظها، فالألفاظ قد تكون مختلفة بينما تكون معانيها مؤتلفة.

وللجمع بين الأحاديث وللتأليف بين مختلف ألفاظها قواعد معروفة، ذكرها الأصوليون في مباحث السُّنة.

ومن العلماء من صنَّف في تأويل مختلف الحديث، كالإمامين الشافعي، وابن قتيبة.

وبخصوص الحديث الذي ذكرته في سؤالك؛ فإن العلماء يجمعون بين الروايات بأن ذكر (المسلمين) في بعضها لا مفهوم له؛ لأنه خرج مخرج الغالب، قال الصنعاني في كتابه: (التنوير شرح الجامع الصغير) عند شرحه لحديث: اعزل الأذى عن طريق المسلمين. قال: قلت: وهو أدنى شعب الإيمان، كما في حديث أبي هريرة عند مسلم، وغيره، (عن طريق المسلمين) خرج على الغالب، وإلا فهو يعم غيرهم. انتهى.

ويعزز القول بأن فضل إماطة الأذى عن الطريق يعم إماطته عن طريق المسلمين وغيرهم؛ أن ذلك من الإحسان الذي جاءت به الشريعة الإسلامية السمحة، قال الله تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}.

وعلى هذا؛ فيرجى ثواب إماطة الأذى عن الطريق لكل من فعل ذلك تقرُّبًا إلى الله تعالى، ولو لم يكن الطريق خاصًّا بالمسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني