السؤال
قلتم: إن الكفارة تتكرر، إن نوى التكرار، أو كان لفظه يدل عليه، وقد وجدت أن القائلين بالتكرار في كفارة اليمين هم المالكية، والشافعية، وبعض الحنفية، فهل الحنابلة لديهم تكرار بـ: "كلما"، أو نية التكرار في كفارة اليمين؟ أعلم أن هذا لديهم في الطلاق، ولكن الطلاق يتعلق يمينه بالشخص، فهو يمين مستقل غير كفارة اليمين.
ومع إجلالي لعلمائنا، ولكني أظن أنهم اجتهدوا وقالوا قولًا ليس عليه دليل من السنة، وهم أعلم مني، لكني كإنسان طبيعي عاقل ذي عقل بسيط، أرى أنني مثلًا إن قلت وحلفت: والله، كلما مشيت خطوة إلى عملي خلال دقيقتين مثلًا، سأتصدق ب 500 ليرة. فتخيلوا كم حنثًا سأحنث فيه إن لم أتصدق، وكم يومًا سيتكرر عليّ، أو قلت مثلًا: والله، كلما تنفست سأدفع كذا خلال نصف ساعة، ولم أدفع، فتخيّلوا كم حنثًا سيكون.
وعقلي لا يستطيع قبول هذا؛ لأنه مخالف لحديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها؛ فليأتها، وليكفّر عن يمينه. فإنني إن اتّبعت قولكم، سأكون قد خالفت النبي الكريم؛ لأن مضمون الحديث أن تنهِي هذا اليمين، وتقوم بالذي هو خير، ولا يعقل أن يبقى عليّ يمين، ولا يعقل أن يحمّلني الإسلام ما لا أطيق؛ عملًا بقوله تعالى: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها".
وإن قلتم لي: في نيته التكرار، فيكون كمن ألزم نفسه كفارات، وهو مثل النذر. أقول لكم: لديكم فتوى -نسيت رقمها- هي نذر لجاج، وفيها تكرار، وقلتم له: تتكرر عليك الكفارة بتكرر الحنث، إلا إذا عجزت عن هذا النذر، كفتك كفارة؛ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر نذرًا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين"، أيعقل أن يكفّر النذر، واليمين لا يكفّر، والنذر يساوي اليمين، وخصوصا أنه لجاج!؟ وعقلي لا يقبل قول التكرار؛ لأنه يسبّب العنت للمسلم، ويُبعِده عن طريق الصلاح، والتقوى.
فإن كان قولكم صحيحًا ولا بد، فحينها سآخذ بقول الحنابلة بتداخل الكفارات؛ لأن العقل والإسلام لا يقبل المشقة، وهذا ما يقبله العقل، وتقبلوا كلامي، وأجيبوني من فضلكم: هل الحنابلة قالوا بالتكرار في اليمين؟