الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستنجاء وتبديل الثياب من رائحة الغائط والرطوبة على الدبر

السؤال

هذا السؤال يخص رائحة الدبر، فبعد قضاء الحاجة بفترة تكون مائلة إلى رائحة الغائط أحيانًا، ولا أعلم هل تتولد تلك الرائحة بسبب بقايا غائط داخل الدبر، وتنزل مع الحركة والعرق أم ماذا؟ فأنا أجد صعوبة في إخراج بقايا الغائط، وأشعر أنه ما زال هناك بقية.
وأشعر بحكّة بعد الاستنجاء، فأفتش، ولا أجد شيئًا، وأوقات أيضًا تكون هناك رائحة لا أعلم صنفها، وفيها نسبة بسيطة من رائحة الغائط أيضًا، مع وجود شيء قليل من اللزوجة.
وأنا دائمًا قبل كل وضوء للصلاة أغسل تلك المنطقة، ثم أتوضأ، فهل يجب التطهّر من الرائحتين، أم أتوضأ وأصلّي دون أن أفتّش عن تلك الروائح، ودون أن أستنجي منها؟ وهل عليّ تغيير لباسي الداخلي عندما يزيد العرق ويصيب اللباس أشياء كتلك، أم إن أمر اللباس يعفى عنه؛ نظرًا للمشقة في تغييره كل حين؟ وقد كان عندي بواسير، وشفيت منها، وفي أغلب الوقت أشعر أن هناك هواءً يخرج أو ماء بسيطًا جدًّا، وعندما أتحقق لا أجد رائحة، وأجد رطوبة خفيفة فقط، ولا أدري هل هي من عرق المنطقة أم خرجت فعلًا، فهل يجب الغسل من هذا قبل الوضوء والصلاة؟ أرجو من حضراتكم إجابة واضحة، وأن تهتموا بهذه الحالة؛ لأني حقًّا أعاني بسببها، وأرجو أن لا تحيلوني لفتاوى أخرى، فأنا أريد أن أصلي على طهارة وأنا مرتاح البال. جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الجواب عن سؤالك يقتضي التنبيه على ما يلي:

1ـ لا يجب عليك الاستنجاء, ولا تبديل ثيابك بسبب ما تجده من رائحة الغائط، أو غيره؛ فإن الرائحة في حدّ ذاتها ليست نجسة, ولا يلزمك البحث, ولا التفتيش، قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: كريح الدبر، فإنها طاهرة، واكتسابها ريح النجاسة لا يضر. انتهى.

2ـ إذا وجدت رطوبة, وشككت هل هي عرق أم غيره، فاعمل على طهارتها, ولا يجب غسلها، ولا تبديل ثيابك؛ فإن الأصل هو الطهارة، فيستصحب هذا الأصل حتى يحصل اليقين الجازم بخلاف ذلك، جاء في مجموع الفتاوى للشيخ ابن عثيمين: أيضًا يُعلّل بأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فإذا شُك في نجاسة طاهر، فهو طاهر، أو في طهارة نجس، فهو نجس؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان. انتهى.

وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: المشروع أن يبنى الأمر على الاستصحاب، فإن قام دليل على النجاسة، نجسناه، وإلا فلا يستحب أن يجتنب استعماله بمجرد احتمال النجاسة. انتهى.

3ـ إذا وجد الشخص بللًا، وشك هل هو عرق أو شيء خارج من الدبر؟ فالأصل عدم خروج شيء من الدبر، ومن ثم؛ فإنه لا يلزمه الوضوء، ففي الحديث المتفق عليه: شُكِي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يجد في الصلاة شيئًا، أيقطع الصلاة؟ قال: لا، حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحا.

وأخيرًا: نحذّرك من الوسوسة؛ فإنها داء عضال، فعليك الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها؛ فإن ذلك علاج نافع لها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني