الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المتبقي من ثمن الأرض المؤجل هل يخصم من الزكاة؟

السؤال

أدّخر مبلغًا من المال بلغ النصاب، وقبل تسعة أشهر حصلت على مبلغ من ميراث، فقررت بعدها أنا وأخي شراء قطعة أرض، وسندفع نصف المبلغ، والباقي لحين تسليم الأرض بشكل نهائي لحين تجهيزها عاما أو عامين، وأنا أملك المبلغ المتبقي، فهل أعدّه دينًا، أم أخرج الزكاة عنه؟ بارك الله فيكم، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من السؤال أنك دفعت بعض ثمن الأرض التي اشتريتما، وبقي جزء من الثمن في ذمّتك إلى حين عمل بعض الإجراءات المتعلقة بالأرض.

وإذا كان كذلك، فما بقي من ثمن الأرض في ذمّتك، يعد ديًنا عليك، وتخصمه من المال الواجب زكاته عند الجمهور، ولا يخصم عند الشافعية، ولكن اشترط بعض القائلين بأن الدَّين يخصم من المال قبل زكاته بأن لا يكون للمرء مال غير زكوي فيه فضل عن حاجته يقابل به الدَّين؛ كعقار مثلًا، وإلا فإنه لا يخصم، بل يزكّى المال كله.

وهذا التفصيل هو ما نرجّحه في موقعنا، جاء في الموسوعة الفقهية: القائلون بأن الدَّين يسقط الزكاة في قدره من المال الزكوي، اشترط أكثرهم أن لا يجد المزكي مالًا يقضي منه الدَّين سوى ما وجبت فيه، فلو كان له مال آخر فائض عن حاجاته الأساسية، فإنه يجعله في مقابلة الدَّين؛ لكي يسلم المال الزكوي، فيخرج زكاته. اهـ.

وعليه؛ فانظر هل لك مال غير زكوي فيه فضل عن حاجتك تقابل به الدَّين؟ فإن كان، فَأَدِّ زكاة ما بيدك من مال، وإلا فلا تجب الزكاة إذا كان ما بقي من الثمن في ذّمتك يساوي ما بيدك من مال، أو ينقصه عن النصاب.

ولا فرق فيما ذكرناه بين الدَّين الحالّ والمؤجل، وفي رواية عن أحمد أنه لا يخصم إلا الدَّين الحالّ، قال في الإنصاف: قوله: ولا زكاة في مال من عليه دَين ينقص النصاب، هذا المذهب إلا ما استثني، وعليه أكثر الأصحاب، وعنه: لا يمنع الدَّين الزكاة مطلقًا، وعنه: يمنع الدَّين الحالّ خاصة، جزم به في الإرشاد، وغيره. اهـ.

وللفائدة فإن النصاب من الأوراق النقدية هو ما يساوي خمسة وثمانين غرامًا من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين غرامًا من الفضة. والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر -اثنان ونصف في المائة-.

وننبه هنا على أننا أجبنا في حدود ما اتّضح لنا من السؤال.

ولا يمكننا فرض احتمالات قد تشعّب المسألة، ولا يكون لها وجود في الواقع: فإن كان الأمر على ما فهمنا، فقد بينا الحكم فيه، وإلا فيرجى طرح المسألة على أحد أهل العلم مشافهة؛ ليستفصل عما ينبغي الاستفصال عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني