السؤال
كنت أعمل محاسبا في شركة أجنبية، وكان يطلب مني إعداد تقارير مخالفة للواقع في سبيل التهرب من الضرائب، واستقطاع جزء كبير جدا من الأرباح لصالح صاحب الشركة، بدون علم الوكلاء الخارجيين، وكنت أستغل هذا الوضع في إخراج عمولات من فروق العملة، واقتطاع مبالغ لصالحي من دون علم أحد، ومع الوقت كونت تجارة أخرى لصالحي بالاعتماد على تلك الأموال.
ثم تبت إلى الله، وتركت هذا العمل، وندمت أشد الندم لدرجة لا يعلمها إلا الله، وتضرعت إلى الله لكي أرجع عما فعلت، لكن أكبر مشكلة تواجهني أن حجم الأموال التي تربحتها، أو سرقتها، أو أخذتها دون وجه حق كبير جدا، ومتداخل في حياتي من مأكل، ومشرب، ولا يوجد أي دخل لي حاليا سوى عائد تلك الأموال، وأحاول ادخار مبلغ موازٍ لما أخذته، ولكن فعليا الأمر يتطلب سنوات وسنوات.
سؤالي: هل يتقبل الله توبتي؟ وتكون صلاتي ودعائي مقبولين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، ومن توبتك أن تردّ ما أخذته بغير حقّ إلى أصحابه، أو تستحلهم منه، مع العلم بأنّ المال الذي ربحته من استثمار المال الذي أخذته بغير حق؛ محل خلاف بين أهل العلم؛ والراجح عندنا أن تقسم الربح بينك وبين صاحب المال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: المال المغصوب إذا عمل فيه الغاصب حتى حصل منه نماء؛ ففيه أقوال للعلماء. هل النماء للمال وحده، أو يتصدقان به، أو يكون بينهما. ..... وهو العدل، فإن النماء حصل بمال هذا، وعمل هذا؛ فلا يختص أحدهما بالربح، ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء، فإن الحق لهما لا يعدوهما، بل يجعل الربح بينهما كما لو كانا مشتركين شركة مضاربة. انتهى.
والأصل أن ترد الحقّ إلى أصحابه على الفور، لكن إذا لم تكن قادرًا على ردّ الحق على الفور؛ فإّنك تردّه على حسب استطاعتك مع إنفاقك على نفسك ما تحتاجه لكفايتك، وراجع الفتوى: 353869.
فإذا فعلت ما تقدر عليك؛ فتوبتك وعبادتك مقبولة -بإذن الله- وراجع الفتوى: 414490.
والله أعلم.