الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك على كتابة هذا السؤال، وحرصك على معرفة الحكم الشرعي، فجزاك الله خيرًا، ووفّقك لكل خير.
وقد سبق بيان حكم لبس المرأة البنطال الواسع مع قميص لا يستره، فيمكن مطالعة الفتوى: 153327، والفتوى: 108577.
والحجاب فريضة، كما دلّت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، كما بينا في الفتوى: 63625.
إذن فهو فريضة، كما هو الحال بالنسبة لفرائض الدِّين من الصلاة، والصوم، وغيرهما، وتجدين في الفتوى التي أحلناك عليها نصوص الوعيد في حق المتبرّجات.
فتبين بهذا؛ أن الواجب عليك الالتزام بالحجاب، سواء أمرك به أبواك، أم لم يأمراك به.
ووالداك مسؤولان عنك أمام الله سبحانه يوم القيامة، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع، قد وصّاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدِّينية والدنيوية، فتعلّمونهم، وتؤدّبونهم، وتكفّونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.
فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقّوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.
فتبين بهذا أن لوالديك الحقّ في إجبارك على الحجاب، وأنهما يأثمان إن لم يفعلا.
ولا نشكّ في أنك لا يرضيك أن يعذَّب والداك بسببك.
ومن أهم صفات المؤمن والمؤمنة الثقة بالنفس، والاعتزاز بالدِّين، فلا يضعف أمام الآخرين، وأن يكون قدوة للناس في الخير، لا أن يقتدي بالآخرين فيما لا يرضي الله تعالى.
ويكفيك أن تستشعري أنك في هذا الطريق مع المؤمنات الصالحات، وعلى رأسهنّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم: قال بعض السلف: عليك بطريق الحقّ، ولا تستوحش لقلّة السالكين، وإياك وطريق الباطل، ولا تغترّ بكثرة الهالكين.
وكلما استوحشت في تفرّدك، فانظر إلى الرفيق السابق، واحرص على اللحاق بهم، وغضّ الطرف عمّن سواهم، فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئًا. وإذا صاحوا بك في طريق سيرك، فلا تلتفت إليهم، فإنك متى التفت إليهم، أخذوك وعاقوك. اهـ.
ونحسب أنك لن تعدمي أن تجدي بعض الطالبات الخيِّرات، اللاتي يمكن أن يكنَّ عونًا لك في هذا السبيل. أو تؤثِّري عليهنّ، وتكوني سببًا في استقامتهنّ؛ فتنالي أجر التسبّب في هدايتهنّ، فقد روى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا. الحديث.
وفّقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.