السؤال
عندما كنت صغيرة كنت أدعو ربنا بالزوج الصالح المناسب لي، ولم أكن أريد أن يدخل البيت الكثير من الخطّاب، بل واحد مناسب فقط يدخل البيت، وإذا لم يوجد الشخص المناسب في الدنيا، ففي الآخرة، لكني كبرت وأصبحت محتاجة للارتباط، خاصة مع الفتن التي حولنا، ومنذ 6 أو 7يأتي أناس يرون وينصرفون، ومن ضمنهم ناس شديدو الانبهار بي، ولكن دون جدوى، والذي دخل البيت أكثر من مرة شخص واحد، ولم يحصل نصيب في كل مرة.
وعندي وسواس أني لن أتزوج؛ لأني دعوت منذ زمن أنه إذا لم يوجد الشخص المناسب، ففي الآخرة، فهل يمكن أن يكون دعائي وأنا صغيرة سببًا في عدم ارتباطي إلى الآن؟ وأنا منذ فترة أدعو أن يرزقني الله الزوج الصالح، وهذا السؤال عندي منذ سنين، وأتمنى أن أجد إجابته.
تقدم لي الشخص الوحيد الذي دخل البيت منذ سنين أكثر من مرة، وكنت مرتاحة له جدًّا جدًّا، وأريده، لكن عندي هاجس في داخلي يقول: لي (لا زال)، (ليس هذا الوقت)، وأحس وأنا في اليقظة أن بيني وبينه (بحرًا) هو على شاطئ، وأنا على الشاطئ الثاني، وتأتيني هواجس عامة هذه الأيام أن ربنا لن يقدر لي أن أكون زوجة، ولا أمًّا، وأعرف أنها من الشيطان، لكني لا أعرف ماذا أفعل؟ فادعوا لي بالزوج الصالح، والذرية الصالحة التي تبعدني عن فتن الدنيا، وتكون سببًا لدخولي الجنة، وشكرًا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول في البدء: إن هذه الأمور لا تعدو أن تكون هواجس وخواطر شيطانية، يريد الشيطان أن يدخل بها على قلبك الأحزان؛ فمن شأنه إغاظة المؤمن، وإدخال الحزن عليه، قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المجادلة:10}.
فاستشعري أن لك رًّبا يحميك، فتوكّلي على الله سبحانه، واستعيذي به من الشيطان الرجيم، فهو القائل: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36}، واجتهدي في مدافعة هذه الخواطر، وتناسيها.
والذي يظهر لنا أنك لم يكن منك دعاء على نفسك بعدم الزواج مطلقًا، بل غاية ما سألت ربّك أن ييسر لك الزواج في الدنيا من الرجل المناسب، فإن لم يتيسر في الدنيا ففي الجنة.
وعلى تقدير أنك دعوت على نفسك، فقد لا يكون هذا الدعاء سبب تأخّر زواجك، بل قد يكون الأمر مجرد ابتلاء؛ ليمتحن الله صبرك، والزواج نوع من الرزق، سيأتيك ما كتب لك منه.
فتوجّهي إلى ربك، وتضرّعي إليه، وسلِيه أن ييسّر لك الزوج الصالح.
ويمكنك أن تستعيني في سبيل البحث عنه بالموثوقات من صديقاتك وقريباتك، فهذا مما لا حرج فيه شرعًا، وانظري لمزيد الفائدة الفتوى: 18430.
نسأل الله تعالى أن يفرج همّك، وينفّس كربك، وييسر لك الزوج الصالح، ويرزقك منه الذرية التي تقرّ بها عينك، ونسأله -سبحانه- أن يحقق لك بغيتك، ويسعدك في دنياك وأخراك؛ إنه سميع مجيب.
وإذا غلب على الظن أن هنالك بعض الأمور غير العادية -من السحر، أو المسّ، ونحوهما-، فينبغي الحرص على الرقية الشرعية، وراجعي فيها الفتوى: 4310، والفتوى: 7970.
والله أعلم.