السؤال
ما حكم الغضب على أقوال الوالدين أو أفعالهما، مع عدم إظهار الغضب فعلا أو قولا؟
هل هناك خلاف بين أهل العلم في هذا؟ حيث إني قرأت ما ظننت منه أنه لا يجوز الغضب على الوالدين ولو كان باطنا؟
ما حكم الغضب على أقوال الوالدين أو أفعالهما، مع عدم إظهار الغضب فعلا أو قولا؟
هل هناك خلاف بين أهل العلم في هذا؟ حيث إني قرأت ما ظننت منه أنه لا يجوز الغضب على الوالدين ولو كان باطنا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب في ذاته أمر لا اختيار للمرء فيه، فلا يؤاخذ به، ولكنه يؤاخذ على ترك ما يمكنه القيام به تجاهه وهو اجتناب الأسباب التي تدفع إليه، والحذر من آثاره السيئة.
قال الباجي في المنتقى، عند شرحه الحديث الذي نهى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عنه، بقوله: لا تغضب. رواه البخاري: ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تغضب» يريد -والله أعلم- لا تمض ما يبعثك عليه غضبك، وامتنع منه، وكف عنه.
وأما نفس الغضب، فلا يملك الإنسان دفعه، وإنما يدفع ما يدعوه إليه. اهـ.
ولم نقف على قول لأحد من أهل العلم ذهب إلى مؤاخذة الإنسان بمجرد الغضب.
وإذا ترتب على هذا الغضب أثر سيء من قول أو فعل، فصاحبه مؤاخذ به، وهو في حق الوالدين نوع من العقوق.
نقل العيني عن السبكي أن ضابط العقوق هو: إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى. قلَّ أو كثر، نهيا عنه، أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران، أو ينهيان، بشرط انتفاء المعصية في الكل. اهـ.
وقد جعل الشرع سبلا لعلاج الغضب، ذكرنا جملة منها في الفتوى: 8038.
ونضيف هنا الابتعاد عند الغضب حتى تهدأ النفس وتذهب ثورة الغضب، فيأمن المرء حدوث المحذور، وقد فعل ذلك الأخيار، كما في قصة علي -رضي الله عنه- حينما وقع شيء بينه وبين زوجته فاطمة -رضي الله عنها- فذهب إلى المسجد.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، معلقا على ذلك: قال ابن بطال: وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم، وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته، ولا يعاب عليه.
قلت: ويحتمل أن يكون سبب خروج عليّ؛ خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة ـرضي الله عنهماـ، فحسم مادة الكلام بذلك، إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني