الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من امتنع عن الأكل من الطعام الفاسد فمات جوعًا

السؤال

لو أنّ شخصًا خُيِّر بين الأكل من طعام فاسد، أو الموت جوعًا، فلم يأكل، فمات جوعًا، فما حكمه في الإسلام؟ وهل يعد قاتلًا لنفسه؟ مع العلم أن الطعام الفاسد لا يصلح للأكل، ومقزز، بل إن الحيوانات ترفض أكله، فما الحكم؟ أتمنى الرد، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المضطر يجب عليه أن يأكل من المحرمات في الجملة، ولو كانت مقززة -كما عبّرتَ-، إلا ما كان كالسُّمِّ في الإضرار، ومتى امتنع عن الأكل، ومات جوعًا؛ كان بمنزلة قاتل نفسه، جاء في كشاف القناع: ومن اضطر إلى محرم مما ذكرنا، سوى سُمٍّ، ونحوه) مما يضر ... (وجب عليه أن يأكل منه) أي: المحرم (ما يسد رمقه) بفتح الميم والقاف، أي: بقية روحه (ويأمن معه الموت) لقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} [البقرة:173]، وقوله: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]. اهـ.

وفي مدارج السالكين لابن القيم: وأما الذوق الواجب: فتناول الطعام والشراب عند الاضطرار إليه، وخوف الموت، فإن تركه حتى مات، مات عاصيًا قاتلًا لنفسه. قال الإمام أحمد، وطاوس: من اضطر إلى أكل الميتة، فلم يأكل حتى مات، دخل النار. اهـ.

فالطعام المقزز أو الفاسد الذي لا يؤكل في الأحوال العادية، لا يجوز للمضطر الامتناع عن أكله حال اضطراره، وخوفه الهلاك، ما لم يكن ذلك الطعام مضرًّا بمنزلة السم -كما تقدم-.

وقد نص بعض الفقهاء على دخول العذرة فيما يجب على المضطر أكله، جاء في شرح الزرقاني على مختصر خليل: (و) أبيح، أي: إذن، فلا ينافي أنه يجب (للضرورة) وهي: خوف الهلاك على النفس علمًا أو ظنًّا (ما يسد) الرمق ... (غير آدمي) من الأطعمة، ولو كان ذلك الغير عذرة، أو دمًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني