الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحرير مذهب ابن حزم في المسح على ما يستر الرأس

السؤال

عند العمل بقول ابن حزم في المسح على حجاب المرأة، فما الشروط التي يشترطها ابن حزم للعمل بقوله في المسح على حجاب المرأة؟ وهل يشترط أن يكون الحجاب ساترًا لكل الشعر وكل الرأس؟ وهل يمكن المسح على الحجاب، لو كان غير مغطّ لكل الشعر، فبعض الفتيات يظهرن بعض الشعر من مقدمة الشعر، فهل يمكن المسح على هذا النوع من الحجاب إذا كانت الفتاة في الخارج ومحجبة، ومقدمة شعرها ظاهرة من الحجاب؟ وإذا أرادت الوضوء، فهل يمكنها أن تمسح على الحجاب دون الشعر الظاهر عند العمل بقول ابن حزم؟ وهل يمكن عند العمل بقول ابن حزم أن تضع المرأة غير المحجبة الحجاب عندما تريد أن تتوضأ فقط، وتمسح عليه، ثم تخلعه بعد الوضوء؟ وعند العمل بقول ابن حزم، فهل يمكن للمرأة المحجبة بالمنزل، أن تضع حجابًا عندما تريد أن تتوضأ فقط، وتمسح عليه، ثم تخلعه بعد الوضوء؟ وهل يشترط ابن حزم أن يكون الحجاب رقيقًا، أو يشترط أن يلبس على طهارة، وعلى وضوء، أو يشترط أن يكون له حكم الخفين أو الجوربين، فيشترط أن يلبس على طهارة، ويجعل للمسح عليه المدة التي للخفين والجوربين أم لا؟ أرجو توضيح شروط ابن حزم للمسح على حجاب المرأة المحجبة، وغير المحجبة في الخارج، وفي المنزل. وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فتحرير مذهب أبي محمد ابن حزم -رحمه الله- في المسح على ما يستر الرأس: أنه يرى جواز المسح على جميع ما يستر الرأس -من عمامة، وخمار، وقلنسوة، وغير ذلك-، سواء ستر جميع الرأس أم لا، وسواء لبس على طهارة أم لا، وسواء لبس ليمسح أم لا، ولا يتقيد ذلك عنده بمدّة، وهاك عباراته في ذلك -رحمه الله-، قال في المحلى: وكل مَا لُبِسَ عَلَى الرَّأْسِ -مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ خِمَارٍ، أَوْ قَلَنْسُوَةٍ، أَوْ بَيْضَةٍ، أَوْ مِغْفَرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ-: أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا. الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلَّةٍ.

وقال: وسواء لبس ما ذكرنا على طهارة أو غير طهارة.

وقال: ويمسح على كل ذلك أبدًا بلا توقيت، ولا تحديد. انتهى.

وابن حزم لا يوجب مسح جميع الرأس، بل يوجب ما وقع عليه اسم المسح، قال: وقال داود: يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْحٍ. وَكَذَلِكَ بِمَا مَسَحَ مِنْ أُصْبُعٍ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، وَأَحَبُّ إلَيْهِ الْعُمُومُ ثَلَاثًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. انتهى.

وبما أوردناه من كلام أبي محمد ابن حزم يتبين أن مذهبه في ذلك واسع جدًّا، وأن من مسحت على خمارها، أجزأها، وإن لبسته لهذا -لأجل المسح عليه-، وإن لبسته على غير طهارة، وإن لم يغط جميع الرأس.

لكننا لا نفتي بهذا المذهب، وإنما نرى أن الأحوط مذهب الحنابلة، وهو أن العمامة يشترط لها ما يشترط للخفين من الشروط، ويشترط أن تكون ساترة أكثر الرأس، وأن تكون محنكة، أو ذات ذؤابة.

ويشترط في خمر النساء أن تكون مدارة تحت حلوقهن.

نعم، قد يسهّل في بعض تلك الشروط عند الحاجة، كما وضحناه في الفتوى: 115024.

ولا يفوت التنبيه على حرمة التبرّج، ووجوب نصح من تتعاطاه بأن تستر جميع رأسها؛ لأن شعر المرأة كله عورة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني