الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب زكاة المال على العاطل عن العمل؟

السؤال

لديَّ مبلغ من المال أعطاه لي والدي على سبيل الهبة؛ لإقامة مشروع تجاري، وبالفعل أقمت المشروع، لكن المشروع لم يستمر. فقمت بتجميع المبلغ المتبقي من المشروع، ووضعته في البنك للحفاظ عليه، ولكني لم أضعه على هيئة وديعة.
وفي أول كل شهر أذهب إلى البنك لسحب احتياجاتي، واحتياجات أسرتي، فأنا متزوج، وأعول طفلين إلى أن أرى فرصة عمل جديدة أستثمر فيها هذه الأموال، أو أن أجد وظيفة مناسبة.
مع العلم أنني كنت أستلم أموالا من المشروع بداية من شهر أغسطس 2019، وكنت أدخرها إلى أن قمت بإنهاء المشروع في سبتمبر 2020.
وأعتقد أن المال المدخر قد بلغ النصاب خلال تلك الفترة، ربما خلال شهر مارس 2020؛ لأنني لم أكن أعتقد أنني سأدخر هذا المال لفترة طويلة، وأحب أن أنوه إلى أنني أيضا كنت أنفق من هذا المال المدخر إذا لزم الأمر حينها.
لكنني كنت حزينا على عدم استمرار المشروع بسبب أنني كلما تذكرت شركائي أشعر بالإحباط، وخيبة الأمل، بسبب حدوث خلافات بيننا أدت إلى خسارة بعض الأموال، ثم بعدها أصبت بأمراض صحية.
حاليا ليس لي مصدر دخل غير هذا المال المدخر، وقد أنفقت نصفه بالفعل حتى الآن، وأنا أنفق منه كل شهر على شؤوني، وشؤون أسرتي وأولادي. وهذا المبلغ في تناقص كل شهر، وليس لديّ عمل منذ إنهاء المشروع لانشغالي بتحسين أوضاعي الصحية والدراسية.
سؤالي: هل يجب عليّ الزكاة؟ وكيف يمكن حسابها في حال وجوبها؟ حيث إن هذا المبلغ كما أشرت يتناقص شهريا؟ وهل يجب عليّ الكفارة في حال وجوب الزكاة؛ لتأخري عن إخراجها؟ مع العلم أني لم أكن أتوقع أن أمرض، وأن يضيع كل هذا الوقت بلا عمل؟
جزاكم الله خيرا كثيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمتى بلغ المال المذكور نصابا، وحال عليه الحول؛ فإن الزكاة واجبة فيه؛ سواء كنت عاملا، أو عاطلا عن العمل.

فالعبرة ببلوغ المالِ النصابَ، وحولان الحول عليه بالأشهر القمرية.

والنصاب هو ما يساوي خمسة وثمانين جراما من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة.

ومقدار الزكاة هو ربع العشر، أي 2.5%، فتخرج هذا المقدار من المال حين وجوب الزكاة فيه، ولا يجوز لك أن تؤخر إخراجها؛ لأن إخراج الزكاة واجب على الفور.

واعلم أن إخراج الزكاة ينمي المال، ويزكي النفس في المعنى، كما قال ابن تيمية -رحمه الله: نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو، يطهر ويزيد في المعنى. انتهى

وقال الأزهري: إنها تنمي الفقير، وهي لفتة جميلة إلى أن الزكاة تحقق نموًا ماديًّا ونفسيًّا للفقير أيضا، بجانب تحقيقها لنماء الغني نفسه وماله. انتهى

فبادر إلى أداء الزكاة إن كانت قد وجبت عليك في حول واحد، فأد الزكاة عن حول واحد، وإن كانت قد وجبت عليه في حولين، أو أكثر؛ فأدها بحسب ذلك، ولا تسقط بالتأخير، بل تبقى دَيْنًا في الذمة، ودَيْنُ الله أحق بالقضاء.

قال النووي في المجموع: إذا مضت عليه سنون، ولم يؤد زكاتها؛ لزمه إخراج الزكاة عن جميعها. انتهى

وكونك قد تحتاج لهذا المال ليس عذرا يبيح لك ترك إخراج الزكاة.

وينبغي استثمار المال في بنك إسلامي يراعي الضوابط الشرعية في معاملاته، أو استثماره في مشروع نامٍ؛ لئلا تأكله الصدقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني