الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجوز الشهادة بالسرقة على من رد الأشياء المسروقة؟

السؤال

هل تعتبر إعادة الأموال المسروقة دليل إثبات على السرقة؟
تزوجت قبل فترة، وحدثت أربع سرقات في البيت. وجميع المسروقات لم تكن عائدة لي، وتكفلت زوجتي من نفسها برد الأشياء المسروقة، وادَّعت في ذلك أنها هي الغريبة في البيت، وحدثت مشاكل أدت إلى انفصالنا عن بعض، ولكن قبل الانفصال قالت: أنا أتنازل لك عن مقدم المهر ومؤخره، وبعد أن تلفظت بالطلاق قالت: أين شهودك؟ وبعد المرافعة في المحكمة أقرت المحكمة بدفع المقدم والمؤخر لها، كون الطلاق وقع خارج المحكمة، قلت لأهلها: إن لم تتنازل عن مؤخر المهر، فسوف أرفع دعوى عليها بالسرقة، فقالوا: احلف يمينا أنها هي من أخذت الأشياء المسروقة، وسوف نتنازل عن المؤخر.
سؤالي: هل يجوز أن أحلف يمينا أنها هي من سرقت، كونها هي من أعادت الأموال، والأشياء المسروقة من نفسها، ولم يجبرها أحد على ذلك. وكل الأدلة تثبت أنها هي من قامت بها، ولم تكن ملتزمة بشرع الله، وكانت تدفعني نحو قبول الرشوة في الوظيفة، وتكذب كثيرا.
وهل إعادة المسروق في الشرع يعتبر دليل إثبات على السرقة، ويمكنني من حلف اليمين؟ لأن قانون الدولة يعتبر إعادة المسروق إثباتا على السرقة.
أفتوني في أمري، يرحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجمهور الفقهاء على أنّ السرقة لا تثبت إلا بإقرار السارق، أو بشهادة رجلين.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: جمهور الفقهاء على أن حد السرقة لا يثبت إلا بالإقرار أو البينة. انتهى.

وعلى القول بإثبات السرقة بالقرائن، كوجود المسروق عند المتهم؛ فهذا لا يبيح لك أن تشهد على زوجتك بالسرقة لمجرد أنّها ردت الأشياء المسروقة؛ فغاية ما يجوز لك أن تشهد به؛ أنّها ردت الأشياء المسروقة، أمّا أن تشهد عليها بالسرقة مع عدم علمك بذلك؛ فهذه شهادة باطلة محرمة، لأنّ الشهادة لا تكون إلا بما علم الشاهد.

قال ابن قدامة-رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن الشهادة لا تجوز إلا بما علمه؛ بدليل قوله تعالى: {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} [الزخرف: 86] . وقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} [الإسراء: 36]. وتخصيصه لهذه الثلاثة بالسؤال؛ لأن العلم بالفؤاد، وهو يستند إلى السمع والبصر؛ ولأن مدرك الشهادة الرؤية والسماع، وهما بالبصر والسمع. وروي عن ابن عباس، أنه قال: «سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الشهادة، قال: هل ترى الشمس؟ قال: نعم. قال: على مثلها فاشهد، أو دع. رواه الخلال. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني