الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب قبول النبي اشتراط قريش رد من جاء من المسلمين إليه إلى مكة

السؤال

لماذا وافق الرسول -صلى الله عليه وسلم- على شرط إعادة المسلمين إلى مكة في صلح الحديبية؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد كان من بنود صلح الحديبية أن من جاء من المسلمين من مكة إلى المدينة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرده إلى مكة. ففي صحيح البخاري في قصة الصلح وبنوده: ...فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا. اهــ.

وأما سبب موافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا الشرط؛ فقد علم -عليه الصلاة والسلام- أن الله سيجعل مخرجا لأولئك الصحابة، ففي صحيح مسلم: فَقَالُوا: أَنَكْتُبُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهُ؟! قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ، فَسَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا.

وقد كان الأمر كذلك، وصار ذلك الشرط وبالا على قريش، فقد خرج جمع من المسلمين من مكة، ولم يذهبوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلمهم أنه سيردهم إلى قريش، وكونوا قوة عسكرية ضاربة، وصاروا لا يسمعون بِعِيرٍ لقريش إلا هاجموها.

قال ابن القيم في زاد المعاد: حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللهِ لَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ خَرَجَتْ إِلَى الشَّامِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُنَاشِدُهُ اللهَ وَالرَّحِمَ لَمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَمَنْ أَتَاهُ مِنْهُمْ فَهُوَ آمِنٌ. اهــ.

وانظر الفتوى: 101547، والفتوى: 202177.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني