الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سفر المطلقة طلاقًا رجعيًّا في العدّة لتجديد الإقامة

السؤال

امرأة سورية مقيمة في مصر، وأهلها في دولة أخرى، وطلّقها زوجها، وهي في فترة العدة، وحان موعد تجديد إقامتها في الدولة التي يقيم الأهل فيها، وسمح لها المطلّق بالسفر، فهل يمكنها السفر لتجديد الإقامة؟ علمًا أن زوجها قد لا يراجعها، وهي قلقة بشأن ذلك، وبشأن تجديد إقامتها، وتريد أن ترضي الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن تلزم المعتدة من طلاق بيت الزوجية؛ فلا تخرج منه إلا لحاجتها في النهار، أو للضرورة في الليل؛ بشرط أن تبيت في بيتها، وفي المسألة خلاف، سبق بيانه في الفتوى: 65624.

فإذا كان هذا متعلقًا بخروجها نهارًا أو ليلًا لقضاء حوائجها داخل المدينة، فمن باب أولى إقدامها على إنشاء السفر زمن العدة.

فإن لم يترتب على هذه المرأة ضرر بترك السفر لتجديد الإقامة، أو أمكنها تأجيل ذلك؛ فلا يجوز لها السفر.

وإن ترتب على تركها السفر ضرر، وصارت عندها ضرورة لهذا السفر؛ فلا بأس بسفرها للضرورة؛ فالضرورات تبيح المحظورات، وراجع الفتوى: 238786.

وننبه إلى أنه إذا أمكن الإصلاح بين هذين الزوجين، ورجوع الزوجة لزوجها، كان أفضل؛ فقد قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.

ويتأكد أمر هذا الإصلاح لو كانا قد رزقا الأولاد، فقد يكون تضررهم بالطلاق أعظم؛ ولهذا اختار بعض أهل العلم كون الأصل في الطلاق الحظر، قال ابن عابدين في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور، إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص.

فإذا كان بلا سبب أصلًا، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها؛ ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى ... فحيث تجرّد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني