السؤال
حضرت دورة تدريبية لتعليم معلّمي التجويد التواصل باللغة الإنجليزية، وخلال حصص التدريب، كان المشرف يمثل دور المبتدئ، ويتعمّد اللّحن في القرآن الكريم -الخفيّ، والجليّ-؛ بغية أن يصحّح له المقرئ بالإنجليزية؛ وبهذا يتدرب على كيفية التعامل مع مواقف مشابهة، فما حكم تعمد اللّحن لهذا الغرض؟ بارك الله فيكم، وأحسن إليكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لمعلّم القرآن أن يتعمّد اللحن في القراءة بحجة أنه يمرّن الطلاب على التصحيح.
ويكفيه إن أراد تدريبهم على ذلك أن يأمر من لا يحسن القراءة بالقراءة، فإذا أخطأ، صححوا له قراءته؛ فيحصل بهذا نفع للقارئ، ونفع للمصحح.
وأما أن يتعمد هو، أو غيره ممن يحسن القراءة اللحنَ؛ فهذا لا يجوز، ولا داعي له، وقد نص الفقهاء على تحريم تعمّد اللحن في القرآن، ولو كان لحنًا لا يحيل المعنى، ولم يفرّقوا بين حالة وأخرى، بل أطلقوا التحريم، قال البهوتي -الحنبلي- في شرح المنتهى: وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُهُ. اهـ. ومثله قول النووي في المجموع: وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُهُ. اهــ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
الْقُرْآنُ كَلاَمُ اللَّهِ الْمُعْجِزُ، الْمُنَزَّل عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَنْقُول بِالتَّوَاتُرِ؛ فَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِيهِ، سَوَاءٌ أَغَيَّرَ الْمَعْنَى أَمْ لَمْ يُغَيِّرْ؛ لأِنَّ أَلْفَاظَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ، نُقِلَتْ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ؛ فَلاَ يَجُوزُ تَغْيِيرُ لَفْظٍ مِنْهُ بِتَغْيِيرِ الإْعْرَابِ، أَوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفِهِ بِوَضَعِ حَرْفٍ مَكَانَ آخَرَ.
وَلأِنَّ فِي تَعَمُّدِ اللَّحْنِ عَبَثًا بِكَلاَمِ اللَّهِ، وَاسْتِهْزَاءً بِآيَاتِهِ، وَهُوَ كُفْرٌ بَوَاحٌ، قَال تَعَالَى: {قُل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}. اهــ.
وانظر للفائدة الفتوى: 369259 عن تعمّد اللحن في القراءة بين الكفر وعدمه.
والله أعلم.