الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عدم عدل الأم في العطية لأولادها

السؤال

توفي والدي، وتم توزيع الميراث. وبيتنا الذي نعيش فيه قديم ومتهالك، ويحتاج إلى أن يبنى من جديد.
وأمي تمتلك شقة في أحد الأماكن. وفي حياة أبي كانت تقول سنبيع الشقة ونبني البيت.
توفي والدي وأخذ البنات حقهن من البيت. حاليا تقول أمي: سنبيع الشقة ونبني البيت: شقة لأمي، وشقة لي، وشقة لأخي. وتفعل ذلك اقتداء بالجيران والأصدقاء حيث تركوا بيوتا جديدة لأولادهم.
فهل هذا فيه ظلم للبنات؟
وفي نفس الوقت تقول إن الشقة ملكي، وللبنات حق الانتفاع بها ما دمن على قيد الحياة. وإذا حصلت لأي واحدة منهن ظروف مثل الطلاق، أو ما أشبه ذلك يعشن فيها لآخر يوم في عمرهن.
ما حكم فعل الأم لذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت في السؤال أنه قد تم توزيع إرث المتوفى "والدكم" وأن البنات أخذن حقهن من البيت الموروث.

وأن أمكم تريد بيع شقة لها، وستبني لكم البيت، لكنها ستعطيك أنت شقة، وأخاك شقة، وتحتفظ لنفسها بشقة، ولن تعطي البنات شيئا إلا إذا احتجن للسكنى معها بعد الطلاق مثلا، فلهن ذلك.

وإذا كان الأمر كذلك، فغاية ما في الأمر عدم عدل الأم في العطية؛ لكونها لا تريد أن تعطي بناتها مثل ما ستعطي لأبنائها.

والعدل بين الأبناء في العطية مختلف فيه: فمن أهل العلم من يرى استحبابه فقط، ومنهم من يرى وجوبه على الأب، والأم مثله في هذا الحكم.

ولأنها أحد الوالدين، فمنعت التفضيل كالأب، ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعداوة، يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها، فثبت لها مثل حكمه في ذلك.. انتهى، من كلام ابن قدامة في المغني.

وعلى القول بوجوب العدل في العطية، فليس للأم هنا تفضيل الأبناء على البنات، إلا إذا كان ذلك لمسوغ معتبر.

قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن خص بعضهم لمعنى، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده؛ لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها. فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه. انتهى.
وننبه هنا على أن السؤال فيه غموض، ولذلك فرضنا احتمالا، وأجبنا عنه. ولا يسعنا افتراض كل الاحتمالات الممكنة وتتبعها. لأن ذلك مما يشعب المسألة.

وننصح بالرجوع إلى أهل العلم ببلدكم ومشافهتهم بالمسألة؛ ليستفصلوا عما ينبغي الاستفصال عنه، دون الحاجة إلى فرض احتمالات قد لا يكون لها وجود في الواقع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني