الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يصحّ أن يوكّل وليّ النصرانية مسلِمًا لا يعرفه ليزوّج ابنته؟ وماذا يقول عند العقد؟

السؤال

إذا كان هناك رجل مسلم يقيم في دولة أجنبية غير مسلمة، وأراد الزواج من فتاة كتابية تقيم في نفس الدولة، ولكنها من بلد أجنبيّ آخر، وأبوها وأقاربها في بلدها الأصلي، فهل يجوز أن يتم توكيل إمام المسجد المسلم؛ ليعقد العقد نيابة عن أبيها الكتابي؟ أعرف أن والد الفتاة هو الأحقّ بولايتها، وأن المسلم لا يكون وليًّا للكتابية في النكاح حسب رأي الجمهور، بل يكون وليّها كتابيًّا مثلها، إلا إن كان المسلم هو السلطان، أو من يقوم مقامه، ولكن الإشكال في الحالة التي أسأل عنها أن والد الفتاة وأقاربها الذكور موجودون في بلدها الأصلي، فهل يجوز أن يتولّى رجل مسلم -إمام المسجد القريب مثلًا- عقد الزواج لها بوكالة من أبيها؟ ولكي تصحّ تلك الوكالة، فهل يجب أن يعرف الأب هوية الرجل المسلم الموكّل، أو صفته، أم يكفي أن يعطي ابنته والرجل المسلم الذي يريد الزواج بها الحق في اختيار أي شخص ليكون وكيله، وهو موافق سلفًا على توكيله؟ وماذا يقول وكيل الولي أثناء قول صيغة الإيجاب في عقد النكاح؟ وهل يقول مثلًا: (زوّجتك موليتي …) أم (زوّجتك موكلتي...) أم (زوّجتك مولية موكلي...) أم ماذا؟
وشكرًا جزيلًا سلفًا، وبارك الله فيكم، وفي علمكم الشرعي، وجعل ما تقومون به من إفتاء للمسلمين في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف الفقهاء في ولي الكتابية: هل يصح أن يوكّل مسلمًا في تزويجها أم لا؟ على قولين، ذكرناهما في الفتوى: 126943، ورجحنا المنع وهو قول المالكية، والحنابلة.

وعلى هذا؛ فلا يصحّ أن يوكّل وليّ تلك المرأة الكتابيةِ إمامَ المسجد، ولا غيره من المسلمين في تزويجها، بل يتولّى هو تزويجها، فيقدم إلى البلد التي هي فيه، أو يوكّل كتابيًا على دِينه في البلد التي هي فيه؛ فيُزَوِّجُها.

وأما الصيغة التي يقولها وكيل الولي -سواء كان على دِينه، أم مسلمًا على القول بصحة توكيله، كما هو قول الشافعية-، فيكفي أن يقول للزوج: (زوّجتك فلانة بنت فلان)، جاء في أسنى المطالب: وَلْيَقُلْ (الْوَكِيلُ) أَيْ: وَكِيلُ الْوَلِيِّ لِلزَّوْجِ (زَوَّجْتُك فُلَانَةَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ: بِنْتَ فُلَانٍ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ عِنْدَ تَمَيُّزِهَا. اهــ.

وفي إعانة الطالبين: فيقول وكيل الولي للزوج: زوّجتك فلانة بنت فلان ابن فلان، ثم يقول: موكلي، أو وكالة عنه -إن جهل الزوج، أو الشاهدان وكالته-، وإلا لم يشترط ذلك. اهــ.

ولا بد من تعيين الوكيل، وأن يعرف الوكيل موكّله من هو، جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي في باب الوكالة: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ تَعْيِينُ الْوَكِيلِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَغَيْرُهُمْ... وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: لَوْ وَكَّلَ زَيْدًا، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ؛ لَمْ تَصِحَّ. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني