الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزويج العمّ عند امتناع والد الفتاة والأخ من تزويجها من الكفء

السؤال

تقدّمت لفتاة، فرفضني والدها، رغم اعترافه أني كفء لها في الخُلُق، والدِّين، والمال، والنسب، وكل عائلته يعارضونه في هذا القرار، إلا أنه يمتنع عن تغيير رأيه، وتقدّمت له أكثر من مرة، ووسّطت له أهل التقوى؛ فرفض مقابلتهم.
السبب هو أنه يريد أن تنهي ابنته جامعتها لأربع سنوات، رغم أنني أقبل أن أكمل تعليمها على نفقتي الخاصة، وأنني أقبل أي شرط، أو تقليل المدة -كسنتين-، لكنه يرفض رفضًا قاطعًا أن يزوّجني أنا أو غيري، وقد ذكرت له أنني لا أستطيع الانتظار كل هذه المدة، لعله يقلّلها، أو أن يقرأ الفاتحة على الأقل، فقال: إنه لن يتنازل عن شروطه أبدًا رغم موافقة الفتاة.
الفتاة ترغب في الزواج مني، وقالت لي حرفيًّا: إنها تريد أن تحقّق مصلحتها الشرعية بالزواج من كفء، كما يرغب والدها بتحقيق مصالحها الدنيوية، وتعلم أن الأربع سنوات زمن طويل.
نحن في دولة فيها محاكم شرعية تحكم بالمذهب الحنفي، أي أن قضايا العضل تنتقل فيها الولاية إلى القاضي، لا إلى العصبة الأبعد، إلا أنهم لا يحكمون لمصلحة الفتاة خوفًا من توابع الحكم، وهذا أمر علمته من أناس يعملون ويعرفون بمحاكمنا الشرعية.
قامت الفتاة باستشارة أهل العلم، فذكروا أن فعل والدها عضل، والقول الراجح هو أن الولاية تنتقل إلى العصبة الأبعد، بدلًا من القاضي، فوكّلت الفتاة أخاها دون الرجوع للمحكمة، لكنه ممتنع، رغم موافقته عليَّ شخصيًّا؛ لأنه يعتقد بحرمة الموضوع، رغم أنها عرضت عليه فتاوى العلماء الثقات، ويريد أن يتبع مذهب مكان إقامتنا (المذهب الحنفي) فقط، أي أن يرد الأمر للمحكمة؛ ليرى في أمر والده.
فوكّلت عمّها دون الرجوع للمحكمة الشرعية، وزوّجني إياها بحضور شاهدين رجلين بإيجاب وقبول دون تسجيل العقد في المحكمة الشرعية، فهل هذا عقد باطل؟ وهل توفّرت فيه كل شروط عقد النكاح التي تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم، أم إن هذا عقد غير جائز؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت من امتناع والد الفتاة من تزويجها منك، ثمّ امتناع أخيها رغم كونك كفئًا لها، وهي راغبة في الزواج منك؛ ولم يكن لها أخ، أو ابن أخ يزوّجها؛ فتزويج عمّها لها صحيح -إن شاء الله-، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: وإن عضل الأقرب، زوّج الأبعد. هذا الصحيح من المذهب. وعليه أكثر الأصحاب. .... "العضل" منع المرأة التزوّج بكفئها، إذا طلبت ذلك، ورغب كل منهما في صاحبه، سواء طلبت ذلك بمهر مثلها أو دونه. انتهى.

لكن ننبه إلى أنّ توثيق عقد الزواج في المحاكم؛ صار ضرورة واقعية لحفظ الحقوق، وراجع الفتويين: 349690، 405094.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني