الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوفيق بين رعاية الأم المريضة وتربية الطفل

السؤال

طفلي رضيع عمره ستة شهور، ومتعلق بي كثيرا، وبالرضاعة الطبيعية. وأمي مريضة في المشفى لا تستطيع الحراك أبدا، وهي مسنّة.
هل أكون آثمة لأني لا أستطيع الذهاب والبقاء برفقتها؟ مع العلم أن لي أختا، و4 إخوة، وكلٌّ منهم له ظروفه سواء كانت عملا، أو سفرا أو دراسة، ولا يستطيعون البقاء عندها. وأبي رجل مسنّ وهو من يرافقها، لكنه أيضا مريض نوعا ما، وقد تعب من الوضع الراهن.
مع العلم أيضا أننا في بلد أجنبي، والمشفى حكومي ليس فيه مترجم، وأبي وأمي لا يعرفان اللغة، لكنهما يتصلان بي كل عشر دقائق تقريبا لأجل الترجمة، وأنا أساعدهما بصدر رحب.
هل أكون آثمة لأني لا أستطيع الذهاب والبقاء في المستشفى؟
أريد الذهاب؛ لأني أريد لأبي أن يرتاح قليلا أيضا، ولكني لا أستطيع ترك طفلي، فهو لا يسكت إلا معي، وزوجي لا يرضى أن أترك طفلي لشدة تعلقه بي.
وأيضا للعلم أمي تفقد ذاكرتها رويدا رويدا، وهي لا تقتنع معنا أنها في المستشفى، هي باعتقادها أنها محبوسة في سجن، وأولادها حبسوها فيه ودائما ما تحكي لنا كلاما مزعجا، لكننا لا نشعرها بذلك طبعا.
وللعلم أيضا أنهم في المشفى لا يسمحون إلا بمرافق واحد، وتقريبا يمنعون تغييره / إلا بظروف قاهرة/ بسبب احترازات كورونا.
أشعر بالذنب الكبير، وأشعر أنّي أفضّل ابني على أمي. لكن لا أعرف الموضوع من ناحية الشرع.
رجاء أريد فتوى.
وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلِكُلٍّ من طفلِك الرضيع، ووالدتِك ووالدك، وزوجك، حقٌّ عليك، وإذا كان المستشفى يقومون برعاية الوالدة فيما تحتاجه من شؤونها الشخصية كتغيير الملابس، وإدخالها الخلاء ونحو ذلك -كما هو شأن المستشفيات- ولا يوجد من يقوم برعاية طفلك بإرضاعه، والقيام بشؤونه لو تركتِه في البيت، ومنعك زوجك من الإقامة في المستشفى مع والدتك. فنرجو أن لا إثم عليك في عدم البقاء معها.

أولا: لأن في ترك الطفل بدون رعاية إضرارا به، بينما ليس في ترك الوالدة في المستشفى إضرار بها على تلك الحال.

وثانيا: مراعاة للقول بأن المرأة لا تخرج بدون إذن زوجها إلى زيارة والديها وتمريضهما، كما بيناه في الفتوى: 120014 وأحرى لو منعها.

فنرجو أن لا إثم عليك في عدم البقاء في المستشفى، مع الحرص التام على الإكثار من زيارتها متى أمكنك ذلك.
ونوصي زوجك بأن يعينك على بر أمك ومرافقتها ما أمكن، فإنه يستحب للزوج أن يأذن لزوجته في زيارة والديها، وتمريض من مَرِضَ منهم، كما نص عليه الفقهاء.

قال في كشاف القناع: فَإِنْ مَرَض بَعْضُ مَحَارِمِهَا كَأَبَوَيْهَا وَإِخْوَتِهَا، أَوْ مَاتَ بَعْضُ مَحَارِمهَا ...اُسْتُحِبَّ لَهُ، أَيْ الزَّوْجِ، أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِ، أَيْ إلَى تَمْرِيضِهِ أَوْ عِيَادَتِهَا، أَوْ شُهُودِ جِنَازَتِهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِم. اهـ.

وقد رجحنا في بعض فتاوانا كالفتوى: 117262 أنه ليس له أن يمنعها من زيارة والديها، وأنه لو منعها من الزيارة فلها عصيانه، ولا تعتبر ناشزا بذلك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني