الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من فاتته صلوات أيام بسبب الجنابة

السؤال

أنا كنت لا أصلي منذ سنين، ولكن -الحمد لله- هداني الله إلى الصلاة، والآن أنا مواظب عليها منذ شهر، ولكن اليومين الفائتين لم أصلهما حيث كنت على جنابة، وهممت اليوم أن أصليهما، فهل يجوز لي آن آخذ استراحة بين الصلوات الفائتة؛ لأنها ثلاثة أيام؟ فهل يجوز صلاة المغرب مثلا ثلاث مرات، وآخذ استراحة بين كل صلاة وصلاة، وهكذا باقي الصلوات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على طريق الهداية والالتزام بطاعته، وأن يعينك على قضاء ما فات عليك من الصلوات.

وعليك أن تتوب إلى الله تعالى من التفريط في الصلاة ؛ لأن ترك الصلاة -تهاونًا- كبيرة من أكبر الكبائر، وذنب من أعظم الذنوب، وتركها جحودا يعتبر كفرا أكبر مخرجا من الملة.

فالصلاة أمرها عظيم، فهي أعظم العبادات بعد الشهادتين، وهي عماد الدين وقوامه، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما بينا في الفتوى: 4307.

فيجب عليك أن تقضي ما فات عليك منها في السنين الماضية، فتصلي كل يوم زيادة على الصلوات الخمس الحاضرة ما تستطيع في أي ساعة من ليل أو نهار، ثم تستمر على ذلك -حسب الاستطاعة- حتى تتيقن أو يغلب على ظنك أنك قضيت ما فات عليك منها.

وللمزيد عن كيفية قضاء الفوائت انظر الفتوى: 61320، والفتوى: 58935.

وأما عن اليومين اللذين لم تصلهما؛ لأنك كنت على جنابة -حسب ما فهمنا- فكان عليك أن تتطهر وتصلي؛ فإن لم تجد الماء، أو وجدته ولم تستطع استعماله خوف الضرر أو المرض، فإن عليك أن تتيمم وتصلي؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:6}.

والواجب عليك الآن قضاء صلاة هذين اليومين على الفور في وقت واحد إن استطعت، وإلا فبحسب الطاقة، فتصلي بعضها حسبما تيسر لك مرتبة، ثم تستريح، ثم تصلي الباقي؛ والمفتى به عندنا أن الترتيب بين الفوائت مستحب، وليس بواجب، وانظر الفتويين: 141086، 152031.

وإن كان الأفضل أن تقضيها مرتبة؛ لِأَنَّ نبينا -صلى الله عليه وسلم- فَاتَتْهُ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ. رواه ابن خزيمة وغيره، وصحح إسناده الأعظمي، والألباني، وغيرهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني