الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كون الجعل نسبة من الإيراد وليس مبلغا معلوما

السؤال

أعمل أستاذا في إحدى الجامعات، وقد كُلِّفتُ بمنصب منسق لأحد التخصصات، وقمت بتطوير القسم عن طريق إنشاء وفتح برامج دراسية حديثة، كما قمت أيضا بوضع اللائحة الخاصة بهذه البرامج الحديثة.
ولكن -يا سيدي- قمت بوضع بند ينص على أن تكون لي نسبة في حدود 4% من إجمالي الإيرادات الناتجة عما يدفعه الطلاب. وبناء عليه أقوم كل عام بزيادة مصاريف الطلاب، حيث إن ذلك يؤدي لزيادة المبلغ الذي أتقاضاه، والمتمثل في النسبة المئوية. ولكني بدأت أشعر بتأنيب الضمير، ولا أعرف هل هذه النسبة التي أتقاضاها تعتبر مالا حلالا أم لا؟ خاصة أنه قد يتجاوز مليون جنيه؟
وهل ما أقوم به من زيادة مصروفات الطلاب، حرام شرعا؟
أرجو إفادتي من ناحية الشرع والدين في ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فههنا جهتان: جهة الجامعة، وجهة الطلاب.

أما جهة الجامعة، فإذا وافقت إدارتها على إعطائك هذه النسبة من إجمالي الإيراد، فلا حرج في ذلك، على قول من يصحح أن يكون الجُعل نسبة من الإيراد، لا مبلغا معلوما؛ لأن الجهالة حينئذ لا يترتب عليها نزاع بين الجامعة والسائل، فهي جهالة لا تمنع التسليم.

قال ابن قدامة في (المغني): ولا بد أن يكون العوض معلوما ... ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم. نحو أن يقول: ..من رد ضالتي، فله ثلثها. اهـ.

وأما الجهة الثانية، وهي جهة الطلاب: فالمعتبر في حِلِّ الأجرة التي يدفعونها هو حصول التراضي، وليس هناك حد معلوم تحرم الزيادة عليه.

ومع ذلك، فينبغي النظر في الصالح العام، ومراعاة أحوال الطلاب، والاكتفاء بأجرة المثل، كما ينبغي التنزه عن الأنانية، والأثرة، والانكباب على الدنيا واتباع هوى النفس، وحسبنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: اسْمَحْ، يُسْمَحْ لَكَ. رواه أحمد.

قال العزيزي في «السراج المنير»: أي عامل الناس بالسماحة والمساهلة، يعاملك الله بمثله في الدنيا والآخرة، كما تدين تدان. اهـ.

وقال المناوي في «فيض القدير»: أي عامل الخلق الذين هم عيال الله ‌وعبيده ‌بالمسامحة ‌والمساهلة، يعاملك سيدهم بمثله في الدنيا والآخرة ... وقال بعض الحكماء: أحسن إن أحببت أن يحسن إليك، ومن قلَّ وفاؤه كثر أعداؤه. وهذا من الإحسان المأمور به في القرآن المتعلق بالمعاملات. اهـ. يعني في قوله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ‌وَالْإِحْسَانِ [النحل: 90].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني