الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جلب طلابا لموظف ينجز دورة نيابة عنهم مقابل عمولة.. الحكم والواجب

السؤال

فُرضت دورة في الحاسب الآلي في دولتي على طلاب الدراسات العليا كشرط للحصول على ملفاتهم. وكان هناك طلاب لا يستطيعون إنجاز هذه الدورة، وكان هناك موظف مسؤول عنها يقوم بإنجازها نيابةً عن الطلاب مقابل مبلغ مالي.
كنت أجلب له بعض الطلاب مقابل عمولة أتقاضاها، وكان هؤلاء الطلاب تتعطّل مصالحهم بسبب هذه الدورة. وكان هناك شخص آخر يقوم بجلب هؤلاء الطلاب لي، على أن يحصل على نصف ما أتقاضاه، لكني لم أكن أعطيه النصف، بل أقل من ذلك.
وأنا أعلم أن هذا العمل غير مشروع، وقد ندمت عليه ندمًا شديدًا. وقد أنفقت المال الذي حصلت عليه من هذا العمل في تكاليف سفري إلى الخارج، وكان مبلغًا بسيطًا يمثل أقل من ربع التكلفة، ولم يتبقَ منه شيء، فقد أنفقته على بعض إجراءات ومصاريف السفر. فهل مكسبي الحالي من عملي الحلال يُعد محرمًا بسبب أن جزءًا من تكاليف السفر مُوّل من ذلك المال غير المشروع؟ وهل يجب عليّ إنفاق مبلغ يعادل ما حصلت عليه من عملي السابق (غير المشروع) في وجوه الخير أو رده؟
وبالنسبة لذلك الصديق الذي كان يظن أنني أعطيه نصف الربح، هل يجب عليّ رد ما تبقى له من المال؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في عدّة فتاوى سابقة، أنه لا يجوز إعطاء الطالب مبلغاً من المال لشخص ليعمل له ما كلف به، وهو من الكذب، والغشّ، والزور الذي حرّمه الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، وفي سنّة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- قال الله عزّ وجلّ: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ [الحج: 30-31]. وقال سبحانه وتعالى: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61].

وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المتشبع بما لم يعط، كلابس ثوبي زور.

وعليه؛ فعملك في السمسرة لهذا العمل، لا يجوز، وما تكسبه مقابله محرّم، والواجب هو التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين -كالمساجد، والكتاتيب القرآنية-، ولا حرج عليك فيما أنفقت على نفسك إن كنت محتاجًا.

جاء في الاختيار لتعليل المختار: والملك الخبيث سبيله التصدق به، ولو صرفه في حاجة نفسه جاز. ثم إن كان غنيا تصدق بمثله، وإن كان فقيرا لا يتصدق. اهـ.

وأمّا ما كسبته من المال في عمل مباح، فهو حلال، ولا يؤثر فيه أنك دفعت في تكاليف السفر بعض ما كسبته من السمسرة في العمل المحرم.

وأما صاحبك الذي كان يقوم بجلب هؤلاء الطلاب مقابل أن يحصل على نصف ما تحصل أنت عليه، فلا تدفعه إليه؛ لأن هذا المال سبيله الصرف في مصالح المسلمين، فاصرفه في مصارفه، وتب إلى الله توبة صادقة مما حصل. وراجع الفتوى: 343096.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني