الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من فتاة لا تؤمن بأي دين وقد تدخل في الإسلام

السؤال

أنا في علاقة عاطفية مع فتاة من غير بلدي، وهي لا تؤمن بأي دين، ولها خلفية دينية من عبادة الأوثان والأصنام، وقد دعوتها للإسلام، وأنا حاليا في خضم الحديث معها حول الإسلام، ورأيت أنها منفتحة ومتقبلة له، ومع بعض الصبر قد تدخل في الإسلام.
هل يجوز الزواج بها؟ وهل ما أقوم به حاليا صحيح؟ علما أن العلاقة متواضعة، ومحترمة. وما هي نصائحكم؟ وهل أدعو عائلتها أيضا للدين الحنيف؟ علما أنهم جميعا من عبدة الأصنام والأوثان، ولا يعرفون أي دين من الديانات الثلاثة. فهل الإقامة معها في بلدها من أجل العمل والزواج قرار حكيم؟
علما أن الظروف المالية لا تسمح لي هنا بالزواج، أو بالعمل، وأخشى على نفسي الفتن هنا في بلاد المسلمين. ولا أريد أن أكون عالة على أحد، أو على المجتمع، أو شخصا يطارد الفتيات هنا بشكل يائس. علما أن مجتمعنا لا يرحم، وشروطه صعبة للغاية على عكس بلدها.
فما هو توجهكم الحكيم حول هذا الموضوع؟ ويمكن أن قصيدة الإمام الشافعي حول السفر شجعتني كثيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولًا؛ إلى أنّ التعارف بين الرجال والنساء الأجنبيات، وما يحصل من الكلام والمراسلة دون حاجة معتبرة؛ فهو باب فتنة وفساد، والتهاون في هذه العلاقات بدعوى أنّ الكلام والمراسلة في أمور الخير وحدود الأدب، مسلك غير صحيح؛ فقد يكون ذلك استدراجًا من الشيطان، واتباعا لخطواته، وتلبيسًا من النفس واتباعًا للهوى.

وننبهك ثانيا؛ إلى أنّ الزواج من الكافرة غير الكتابية؛ لا يحل.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: فلا يحل لمسلم نكاح كافرة غير كتابية، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {‌وَلا ‌تَنْكِحُوا ‌الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وقوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]. اهـ

وعليه؛ فالواجب عليك قطع هذه العلاقة العاطفية، والوقوف عند حدود الله في معاملة الأجنبيات، وإذا أردت الزواج، فابحث عن مسلمة ذات دين وخلق.

وأمّا دعوة هذه المرأة وأهلها إلى الإسلام؛ فمن أفضل الأعمال الصالحة، قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}.

وروى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.

مع مراعاة أنّ الدعوة إلى الله تعالى لابد أن تكون بالوسائل المشروعة، فلا تكون بمخالفة الشرع، أو بما فيه فتنة، وأن تكون النية خالصة لوجه الله.

وإذا أسلمت هذه المرأة؛ فيجوز أن تتزوجها، ويجوز أن تقيم في بلدها بشرط أن تقدر على إظهار شعائر دينك، وتأمن الفتنة على نفسك، فإنّ الإقامة في هذه البلاد فيها خطر عظيم على الدين والأخلاق.

واعلم أنّ العبد إذا كان حريصًا على مرضاة الله، واجتناب سخطه، وكان متوكلًا على الله؛ فسوف يرزقه رزقًا طيبًا، ويكفيه ما أهمّه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني