الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الإيلاء وترك الوطء، وواجب الزوج إذا فوت على إحدى زوجتيه القسم

السؤال

هل يجوز للرجل الإيلاء أكثر من مرة في السنة، بحيث يعاشر زوجته مثلا ثلاث مرات في السنة؟ مع العلم أنه متزوج من غيرها، فهو لا يحتاج إلى مضاجعتها.
وهل يجب أن يعوضها بعد انتهاء المدة عن الأيام التي عاشر فيه زوجته الثانية؟ وإذا كانت الأربعة أشهر كثيرة على الزوجة، فلا تتحمل. هل يجوز أن تطلب الطلاق، حتى لا تفتن بالزنا، أو العادة السرية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد عرف الفقهاء الإيلاء بأنه الحلف على ترك وطء الزوجة أربعة أشهر، فأكثر. وهذا الإيلاء محرم؛ لما فيه من الإضرار بالزوجة.

قال ابن مفلح في الفروع: والإيلاء محرم، في ظاهر كلامهم، لأنه يمين على ترك واجب. انتهى.

فهذا الإيلاء محرم، ولو فعله الزوج مرة واحدة.

والوطء واجب للزوجة على زوجها، فلا يجوز له أن يترك وطأها مدة تتضرر بها، ولو لم يكن مع هذا الترك حلف، وبغض النظر عن المدة التي يترك فيها الوطء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها..... انتهى.

ومقدار الواجب في ذلك ليس محددا بمدة معينة، وإنما بحسب حاجتها، وقدرته على الصحيح.

قال شيخ الإسلام أيضًا: والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين.... انتهى.

وإذا كان للرجل زوجتان وجب عليه أن يعدل بينهما في المبيت، وإذا فوت على إحداهما شيئا من نصيبها؛ وجب عليه القضاء لها، إن لم تكن ناشزا.

قال البهوتي في كشاف القناع: ومتى ترك قسم بعض نسائه لعذر أو غيره قضاه لها..... انتهى.

ولا يجب العدل بينهما في الوطء، ولكن يجب ألا يصل ذلك إلى حد الإضرار بالزوجة، ولا يجوز له أن يكف عن إحداهن ليوفر قوته للأخرى؛ فهذا حرام، كما نص عليه الفقهاء.

قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل: القسم لا يجب في الوطء بين الزوجات، بل من دعته نفسه إليها أتاها على ما تقتضيه سجيته، ولا حرج عليه أن ينشط للجماع في يوم هذه دون يوم الأخرى، اللهم إلا أن يترك الزوج وطء واحدة من زوجاته ضررًا بها، فإنه لا يجوز له، ويجب عليه حينئذ ترك الكف.... انتهى. فلا يجب أن يقضي لها ما فات من الوطء.

وإذا تمادى الزوج في الامتناع عن وطء زوجته، وخشيت زوجته الضرر على نفسها، فلترفع أمرها إلى الجهات المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية؛ ليأمر القاضي الزوج بالإمساك بالمعروف، وأداء الحقوق للزوجة، أو المفارقة بإحسان.

وعلى الزوجة أن تعمل كل ما يمكن أن يعينها على العفاف؛ كالصوم، واجتناب مثيرات الشهوة، والوقوع في الفتنة من النظر المحرم، والخلوة، والاختلاط المحرم، ولتجتهد في ملء فراغها بما ينفع من أمر الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني