السؤال
ما حكم غسل الرأس في الوضوء بدل مسحه؟ هل هذا يبطل الوضوء؟ مع الدليل، ولماذا كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يمسح بعض رأسه مع أن النبي -عليه الصلاة و السلام- كان يمسحه كله؟ وجزاكم الله خيرا.
ما حكم غسل الرأس في الوضوء بدل مسحه؟ هل هذا يبطل الوضوء؟ مع الدليل، ولماذا كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يمسح بعض رأسه مع أن النبي -عليه الصلاة و السلام- كان يمسحه كله؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه يكره غسل الرأس في الوضوء بدلا من مسحه؛ وذلك لما فيه من الغلو، والزيادة على المسح الذي جاء به الأمر في الوضوء تيسيرا، ورفعا لما قد يترتب على غسل الرأس من المشقة، والحرج في كل وضوء.
وهو لا يبطل الوضوء عند جمهور أهل العلم -مع أنه مكروه-؛ والدليل على إجزائه : أنه مسح وزيادة؛ فحصل به المسح المطلوب شرعا، والزيادة المكروهة.
جاء في أحكام القرآن لابن العربي: فَلَوْ غَسَلَهُ الْمُتَوَضِّئُ بَدَلَ الْمَسْحِ فَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ، ... فَقَدْ جَاءَ هَذَا الْغَاسِلُ لِرَأْسِهِ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَزِيَادَةٍ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ زِيَادَةٌ خَرَجَتْ عَن اللَّفْظِ الْمُتَعَبَّدِ بِهِ. قُلْنَا: وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَعْنَاهُ فِي إيصَالِ الْفِعْلِ إلَى الْمَحَلِّ وَتَحْقِيقِ التَّكْلِيفِ فِي التَّطْهِيرِ انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ ـ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ ـ إِلَى أَنَّهُ إِنْ غَسَل الْمُتَوَضِّئُ رَأْسه عِوَضًا عَنْ مَسْحِهِ أَجْزَأَهُ، لأِنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ. انتهى.
- وأما "لماذا كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يمسح بعض رأسه.." ؟
فهذه المسالة -مسح بعض الرأس- محل خلاف بين أهل العلم، ودليل القائلين بجواز مسح بعضه، هو الآية الكريمة التي استدل بها القائلون بوجوب مسحه كله، وسبب الخلاف هو خلافهم في معنى الباء في قول الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ {المائدة:6}، فقد حملها من أجاز مسح بعض الرأس على التبعيض، فكأنه قال: وامسحوا بعض رؤوسكم . كما استدلوا أيضا بما رواه مسلم وغيره أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ والناصية هي : مقدم الرأس، ولعل ابن عمر - ضي الله عنهما- كان يرى هذا الرأي، وانظر الفتوى : 194559.
وأجاب القائلون بوجوب مسحه كله عن هذه الأدلة : بأن الباء بِرُءُوسِكُمْ ليست للتبعيض، وإنما هي للإلصاق، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح بناصيته، وأكمل المسح على عمامته.
والمسح على العمامة يقوم مقام المسح على الرأس كله.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني