الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعديل بيانات وثيقة شخص لتصلح لغيره غش وتزوير وخداع

السؤال

أنا شاب أعمل في مجال الفوتوشوب. وقد أعطاني أخي وثيقة رسمية لوالد صديقه، ويريد مني أن أقوم بالتعديل عليها؛ لتصبح ببيانات صديقه للحصول على هوية.
فهل المال الذي سأحصل عليه مقابل التعديل حلال أو حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك تعديل بيانات الوثيقة، فهذا من التزوير، والكذب، والغش، والخداع. وهي من الأمور المحرمة شرعا. قال الله تعالى: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30}.

وفي الحديث: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى، يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. أخرجه البخاري ومسلم.

وفي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من غش فليس منا. أخرجه مسلم.

وفي صحيح ابن حبان: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار.

والمال المكتسب من التزوير محرم، فـفي الحديث: إن الله إذا حرم شيئا، حرم ثمنه. أخرجه أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه.

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: فالحاصل من هذه الأحاديث كلها أن ما حرم الله الانتفاع به، فإنه يحرم بيعه، وأكل ثمنه. كما جاء مصرحا به في الراوية المتقدمة: «إن الله إذا حرم شيئا، حرم ثمنه»، وهذه كلمة عامة جامعة، تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما. اهـ.

وقال ابن عثيمين في اللقاء الشهري: كل منفعة محرمة، فإن عوضها محرم بهذه القاعدة التي أسسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله إذا حرم شيئا، حرم ثمنه). اهـ.

فنوصيك بتقوى الله، وألا تتكسّب عن طريق التزوير، فالمعاصي ليست سبيلا لتحصيل الخير.

قال ابن القيم في روضة المحبين: فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه، عاقبه بنقيض قصده، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني