السؤال
سؤالي عن زوج وزوجة، معها طفلة عمرها خمسة أشهر، وقد فطمتها؛ لأنها حامل (الزوجة لي بها صلة قرابة)، متزوجان من سنة ونصف تقريبا، حدثت مشاكل كثيرة بينهما، وأكثر من مرة يذكر لها كلمة الطلاق، مرة تطلب منه شراء كارت شحن لتكلم أمها، فيرفض، فتقول له: سأشتري أنا، فيقول: لو نزلت، أو تكلمت مرة أخرى سأطلقك، ومرة يقول لها عبر الهاتف: رتبي البيت، ونظفيه، وهي تفعل قدر المستطاع لظروف طفلتها، وحملها، وتقول له: إنها متعبة، فقال لها، لو رجعت البيت، ووجدته غير مرتب سأخلصك.
وفي يوم ما في بداية الزواج، وهي حامل ببنتها الأولى حدثت مشكلة، على إثرها همت بالخروج من بيتها؛ للذهاب لبيت أبيها، فحاول الزوج منعها من الذهاب؛ لتبقى معه في بيتها، ولكن أمسكها بشدة من يدها، وشعرها، فحاولت الابتعاد عنه، فاصطدمت يدها بوجهه، وهي تقول: إنها لم تكن قاصدة، ولكن كانت تحاول منعه من مسكها بقوة، وتبعد يده عنها، وهو يقول: إنها كانت قاصدة، ويتعلل بأنها لو لم تكن قاصدة، لكانت قوة الضربة ضعيفة، ولكنها كانت قوية.
وفي جلسة كنت أنا حاضرا فيها معهم، فسألته زوجته، ألم أقل لك بعدها إنني لم أكن أقصد ضربك على وجهك، وأنت قلت نعم أعلم ذلك؟ قال نعم. فسألته أنا تأكيدًا لكلامها، فأقر به، ولكن دائما يقول: إنها ضربتني على وجهي، فهل هذا يعتبر ضربا على الوجه؟ وما حكمه وهي تدافع عن نفسها، وبغير قصد؟ وما حكم ذكر الزوج للطلاق، سواء تهديدا، أو بغير قصد (كما زعم)؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت في هذا السؤال أن الزوج يذكر لزوجته كثيرا كلمة الطلاق، ومما ينبغي أن يُعلم أن حكم الطلاق من جهة الوقوع أو عدمه، يختلف باختلاف الصيغ التي تصدر عن الزوج، ولذلك ننصح أولا بأن يشافه الزوج أحد العلماء، ويبين له حقيقة الألفاظ التي صدرت عنه، ليفتيه هذا العالم بما يظهر له من الحكم الشرعي.
وقوله لها:"سأطلقك"، لا يقع به الطلاق؛ لأنه مجرد وعد بالطلاق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الوعد بالطلاق لا يقع ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد، ولا يستحب. انتهى.
وكذلك قوله:"سأخلصك"، لا يقع به الطلاق، ولو قصد به تخليصها بالطلاق؛ لأن هذه الصيغة نوع من الوعد.
هذا، وننصح بأن يجتهد الزوجان في أن يحسن كل منهما عشرة الآخر بالمعروف، ويجتنبا المشاكل ما أمكن، ويجتنب الزوج حل المشاكل بألفاظ الطلاق؛ فإن هذا قد تكون عاقبته الندامة، وتشتت الأسرة.
وينبغي أن يحرصا على كل ما يكون سببا لاستقرار الأسرة، وأن يعملا على ما يكون سببا للألفة والمودة بينهما، وأن يحرص كل منهما على أداء حقوق صاحبه، ولمعرفة الحقوق بين الزوجين نرجو الاطلاع على الفتوى: 27662.
والضرب على الوجه قد جاء الشرع بالنهي عنه، كما سبق بيانه في الفتوى: 60934.
وينبغي للزوج أن يحسن الظن بزوجته، ويصدقها إذا ادَّعت أن ما حدث من ضربها له على وجهه، لم يكن بقصد منها، وأن لا يجعل ذلك مثارا للنزاع، وسببا للخلاف، بل يتجاوز ذلك إلى ما تحسن به العشرة، وينصلح به الحال كما أسلفنا.
وننبه إلى أنه لا يجوز للزوجة الخروج من بيت زوجها بغير إذن زوجها، إلا لعذر شرعي، ومجرد خلافها مع زوجها، وحدوث المشاكل، لا يسوغ لها الخروج بغير إذنه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى: 136039.
والله أعلم.