الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في وصية الجد لحفيده، وتغيير الورثة للوصية، ورفع قضية للمطالبة بالحق

السؤال

والدي توفي في حياة والده، وجدي ترك لي وصية واجبة، وعدد أعمامي 2، وعدد عماتي 6، وله زوجة ثانية.
بعد وفاة جدتي، وكان جدي أوصى لي بشقتي، ومحلي الذي استأجره والدي من جدي في حياته، واستمررت أنا في دفع الإيجار، حتى وفاته. علما بأن التركة عمارتان، وعمي الأصغر قال لي: -وكلهم كانوا موافقين أمامي فى أول قعدة- إن لي الشقة، والمحل، وبعد ذلك تعنت معي، ولا يريد إعطائي حقي، واتفق مع أخواته البنات علي، وأنا لا أعلم، وعمل عقدا رضائيا، بأني آخذ الشقة، والمحل كتبه له بنص مخادع لي، أن أستمر مستأجرا، ووافقت؛ لأنهم أبلغوني، أن كل الناس متفقون، وأنا خارج الاتفاق، ويوجد 3 من عماتي ليس لهم شقق، وغير منتفعين من أملاك جدي، وكنت مشفقا عليهم؛ لأخذ حقهم، وأمضيت على العقد، وكان التوقيع في الورقة الأخيرة فقط، والعقد 3 نسخ، وأخذهم كلهم، وبعد ذلك غير الورقة التي موجود بها قسمتي بأن المحل يبقى له، وقدم الورق للمحكمة لصحة التوقيع، وتم إرسال الجوابات على عنوانه، ورفع القضية على أخيه، وهو معه توكيل من أخيه للمحامي التابع له، وعندما علمت -بقدر الله- أبلغتني عمتي أنه يفعل ذلك؛ لضمان حقوقنا، وعندما ذهبت إلى المحكمة، وجدت أن الورقة متغيرة، واعترضت عن طريق المحامي، وطعنت بالتزوير، وأثبت الطب الشرعي التزوير، وطلب القاضي حضوري، وحلف اليمين، وطلب مني المحامي أن أقول: إن الورقة كان مكتوب بها شقتي، ومحلي التي تم تغييرها، وفعلت، وأنا متضرر من ذلك، وحجزت الآن القضية للحكم الشهر القادم، فماذا أفعل؟ هل هذا حرام أم حلال؟ أنا متشكك، ولا أعرف ماذا أعمل، وهل أتنازل؟ وهل لي توبة؟ وماذا علي فعله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أخي السائل أولا أن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي، فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا، إنما هو على سبيل العموم، والإرشاد، والتوجيه فنقول:
1) إن ثبت أن جدك أوصى لك بتلك الوصية ثبوتا شرعيا، فإن الوصية لك صحيحة، وليس لأحد من الورثة الحق في حرمانك من حقك الشرعي في الوصية.
2) إذا كان الموصَى به لك ــ الشقة والمحل ــ يزيد على ثلث تركة جدك، فإن لك الحق في مقدار الثلث منهما فقط، لأن الوصية لغير الوارث تكون في حدود الثلث فقط، وما زاد عنه لا بد فيه من رضا الورثة، قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ. فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. اهــ.
3) يجوز لك رفع القضية للمحكمة؛ للمطالبة بحقك الشرعي، ولكن لا يجوز لك أن تكذب، وتحلف عند القاضي على أمر تعلم أنك كاذب فيه، وانظر الفتوى: 100473، عن حكم الحلف كذبا عند القاضي للحصول على الحق.
4) التوبة تصح من كل ذنب، فمن حلف كاذبا، فله توبة، وتوبته أن يندم على ما فعل، ويعزم في المستقبل أن لا يعود للكذب، وإن ترتب على حلفه ضياع حق لشخص، وجب رده إليه، أو ضمانه، وانظر الفتوى: 164835، في كيفية التوبة من شهادة الزور، وهل يلزم أن يرجع إلى المحكمة ويكذب نفسه أم لا؟.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني