السؤال
حلفت عليّ أمي، وقالت: والله إذا لم تفعلي كذا وكذا، فلن تذهبي إلى المكان الذي تريدينه. لم أنجز ما قالته، وكذبت عليها، وقلت لها إنني أنجزت مهامي كاملة.
لم أكن أريد أن أكذب، ولكنها أصرت، والمكان الذي سأذهب إليه، أذهب إليه لكي أتعلم، وليس لأخرج مع صديقاتي مثلا، أو لأفعل شيئا من هذا القبيل. فلم أجد سوى أن أكذب عليها لكي أذهب.
فماذا أفعل الآن؟ من سيحاسب على هذا القسم، فأنا لم أقسم، وهي التي أقسمت، ولكنها لا تعرف الحقيقة أيضا؟
وما هي كفارة اليمين الكاذبة إذا فعلته وأنا على غير دراية كاملة؟
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب من المحرمات، فعليك أن تتوبي من الكذب على والدتك، بالندم على ما فعلت، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه. قال النووي: قد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على تحريم الكذب في الجملة، وهو من قبائح الذنوب، وفواحش العيوب، وإجماع الأمة منعقد على تحريمه مع النصوص المتظاهرة، واعلم أن مذهب أهل السنة أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء تعمدت ذلك أم جهلته، لكن لا يأثم في الجهل، وإنما يأثم في العمد. اهـ. باختصار من الأذكار.
وإذا كنت قد حلفت على كذبتك تلك، فهي يمين غموس، ولا تجب فيها كفارة على الراجح.
قال ابن قدامة في الكافي: اليمين الغموس، وهي التي يحلفها كاذبا، عالما بكذبه، فلا كفارة فيها في ظاهر المذهب؛ لأنها يمين غير منعقدة لا توجب برا، ولا يمكن فيها، فلم توجب كفارة، كاللغو. وقد روي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «خمس من الكبائر لا كفارة لهن»، ذكر منهن: «الحلف على يمين فاجرة، يقتطع بها مال امرئ مسلم».
وعن أحمد: أن الكفارة تجب فيها؛ لأنه حالف مخالف مع القصد، فلزمته الكفارة كالحالف على مستقبل. اهـ.
وانظري الفتوى: 110773.
وأما يمين والدتك: فإن كفارتها تجب عليها هي، لا عليك، كما هو مبين في الفتوى: 310912.
فعليك إخبار والدتك بحقيقة ما فعلتِ؛ لتكفر عن يمينها. وإن تعذر عليك إخبارها، وخشيت مفسدة من ذلك -كغضبها وهجرانها لك- فلا حرج عليك في أن تقلدي من يقول بصحة التكفير عن الغير دون إذنه، فتخرجي الكفارة عنها دون علمها.
وانظري الفتوى: 190577.
والله أعلم.