السؤال
لدي شركة تجارية للاستيراد والتصدير، تعمل في التجارة العامة، عرض عليَّ أحد الأشخاص العمل معاً في تصدير الرخام منذ خمس سنوات، على أن يعمل هو في المبيعات، وتقسم الأرباح بالتساوي، وبعد فترة التأسيس التي تحملت فيها مصاريف وخسائر، سارت الأمور بعد ذلك باتجاه جيد وأرباح مقبولة، وفي الفترة الأخيرة تباطأ العمل كثيرًا، وبالتدقيق اكتشفت أن الشريك قام بإنشاء شركة خاصة، وأخذ كل العملاء إلى شركته، باعتباره هو مسؤول التواصل معهم، وأصبحوا زبائن لشركته الجديدة، وعندما سألته عن عدم وجود مبيعات في شركتنا، قال: لا توجد طلبات، والحقيقة أن الطلبات تضاعفت، ولكنه يعمل بها لصالح شركته الخاصة منذ أكثر من عام، والتي لم يخبرنا بها لحد الآن، واكتشفنا وجودها بالمصادفة.
ماذا يجب علينا أن نقوم به بعدما عرفنا أنه يعمل لحسابه الخاص، وبعد أن استفاد من كل إمكانيات شركتنا، وحول جميع الزبائن لحسابه الخاص؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال من مسائل الخصومات والمنازعات، والفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم والإرشاد والتوجيه.
لكن نقول بوجه عام: إن الواجب على كل من الشريكين عدم خيانة صاحبه أو ظلمه، لأن هذه الصفة ليست من صفات المؤمنين؛ كما قال الله تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [صّ: 24]. ولا شك أن الظلم والخيانة في الشراكة محق لبركتها وسبب لانفضاضها، وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خانه خرجت من بينهما. فقوله: أنا ثالث الشريكين، أي: معهما بالحفظ والبركة وتيسير الرزق ونحو ذلك، وقوله: خرجت من بينهما: أي أزلت البركة والعناية بهما في شراكتهما.
والله أعلم.