الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجوز للسمسار أخذ الأجرة، بشرط إخبار من تُؤخذ منه

السؤال

لدي سيارة لنقل الركاب، ونتقاضى الأجرة من الراكب مقابل ذلك، وعندي سؤالان:
الأول: أحيانا يتصل بي أحد زبائننا يريد باصا صغيرا، لأن عددهم كبير، ونظرا لأنه ليس لدي باصات أقوم بالاتصال بالأصدقاء لتوصيلهم، فالباص -فرضا- يطلب أجرة بـ: 50 دينارا، ويقول لي إذا اتفقت مع الركاب بأجر أكثر من ذلك فهو لك، فأخبر الركاب أنني أستطيع توفير باص بـ: 60 دينارا، ويقوم بتوصيلهم، ويأخذ منهم: 60 دينارا، ويعطيني: 10 دنانير، لأنني أنا الذي رتبت له الطلب.
فما هو حكم هذا المبلغ - 10 دنانير- التي أتقاضاها نظير ترتيب موعد بين الركاب والباص؟
الثاني: أحيانا أتفق مع الركاب على أجرة -فرضا: 25 دينارا- ولعدم توفر سيارات عندي، أقوم بالاتصال بأحد الأصدقاء، وأخبره بوجود طلب من المنطقة الفلانية. وأجرة هذا الطلب: 25 دينارا، وأريد من هذا المبلغ: 5 دنانير، فيقوم بتوصيلهم، وأخذ المبلغ كاملا منهم، ويعطيني: 5 دنانير.
أرجو من فضيلتكم أن تفتونا في ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز لك أن تأخذ هذه الأجرة التي سميتها عمولة، سواء كانت من أصحاب الباصات، أو من سائقي السيارات.

وذلك أن الصورة الأولى هي عبارة عن سمسرة جائزة، ويجوز للسمسار أن يأخذ حقه من طرف واحد، أو من طرفين على حسب ما يقع من اتفاق. وراجع الفتوى: 23575.

ويشترط أن يعلم بالأجرة التي سيأخذها السمسار مَنْ تُؤْخَذُ منه فقط، وهنا المقصود بهم أصحاب الباصات. وانظر الفتوى: 45996.
وعند الجمهور يشترط أن تكون الأجرة معلومة عند العقد. وانظر الفتوى: 209383.

وأما الصورة الثانية: فهي عبارة عن إجارة على عمل في الذمة، ولا حرج في أن يستأجر الأجير من يقوم مقامه على العمل المتفق عليه في الذمة -وهو نقل الركاب هنا- إلا إذا اشترط المستأجر الأول أن يعمل الأجير بنفسه، أو كان العمل مما يختلف باختلاف الأعيان، ولا يقوم غير الأجير مقامه فيه. فعندئذ يلزم الأجير أن يقوم بالعمل بنفسه.

قال ابن قدامة في المغني: يجوز استئجار الآدمي بغير خلاف بين أهل العلم... ثم إجارته تقع على ضربين:

أحدهما: استئجاره مدة بعينها لعمل بعينه...

والثاني: استئجاره على عمل معين في الذمة...

وإن كانت الإجارة على عمل في الذمة، لكنه لا يقوم غير الأجير مقامه، كالنسخ، فإنه يختلف القصد فيه باختلاف الخطوط، لم يكلف إقامة غيره مقامه، ولا يلزم المستأجر قبول ذلك إن بذله الأجير؛ لأن الغرض لا يحصل من غير الناسخ، كحصوله منه، فأشبه ما لو أسلم إليه في نوع، فسلم إليه غيره. وهكذا كل ما يختلف باختلاف الأعيان. اهـ.

ويجوز على خلاف بين أهل العلم تأجيل الأجرة كلها، أو بعضها عن مجلس العقد.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الخاص بموضوع الصكوك الإسلامية: يجوز في إجارة المنافع الموصوفة في الذمة تعجيل الأجرة، وتقسيطها، وتأجيلها. اهـ.

وراجع الفتوى: 135463.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني