الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حديث في التحذير من تتبع عيوب الناس

السؤال

استشهد أحدهم بهذه العبارة، وقال إنها من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرجو منكم بيان مدى صحة الحديث.
متن الحديث الذي استدل به المحاضر: من بحث عن عيوب الناس وله عيب، بحث الناس عن عيبه. ومن بحث عن عيوب الناس وليس له عيب، أحدث الله له عيبا.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا تصح نسبة هذا الكلام للنبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن قد جاء عنه -صلوات الله عليه- في أحاديث أخرى التحذير من التماس عيوب الناس، والتفتيش عن عوراتهم.

فعن أبي برزةَ الأسلمي، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: يا معشرَ من آمنَ بلسانِهِ، ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبَهُ، لا تغتابُوا المسلمين، ولا تتبِعوا عوراتِهم؛ فإنَّه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعِ اللهُ عورتَهُ، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَهُ يفضَحْهُ في بيتِه. رواه أبو داود وغيره.

وعن معاويةَ، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنَّكَ إن اتَّبعتَ عَوراتِ الناسِ أَفْسَدْتَهُم، أو كِدْتَ أن تُفْسِدَهُم.

فقال أبو الدرداء: كلمةٌ سمعها معاويةُ، مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- نفعه اللهُ تعالى بها. رواه أبو داود أيضا.

وجاء هذا المعنى المذكور في كلام هذا المحاضر من قول بعض السلف.

قال السفاريني في شرح منظومة الآداب: قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي الْكَفِّ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ: أَدْرَكْنَا قَوْمًا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُيُوبٌ، فَذَكَرُوا عُيُوبَ النَّاسِ فَذَكَرَ النَّاسُ لَهُمْ عُيُوبًا؛ وَأَدْرَكْنَا أَقْوَامًا كَانَتْ لَهُمْ عُيُوبٌ فَكَفُّوا عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، فَنُسِيَتْ عُيُوبُهُمْ.

وَشَاهِدُ هَذَا قَوْلُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي بُرْدَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَرْفُوعًا. «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ: لَا تَغْتَابُوا النَّاسَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ»، وَتَقَدَّمَ.

وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ:

لَا تَلْتَمِسْ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا ... فَيَكْشِفَ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا

وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إذَا ذُكِرُوا ... وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا

وَاسْتَغْنِ بِاَللَّهِ عَنْ كُلٍّ فَإِنَّ بِهِ ... غِنًى لِكُلٍّ وَثِقْ بِاَللَّهِ يَكْفِيكَا ... انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني