الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيرة في محلها محمودة ولا تعني بالضرورة عدم الثقة

السؤال

أنا متزوج، وزوجتي من أفضل النساء أدبًا وتسترًا، وأخلاقًا -ولله الحمد-، ولكنها لا تغطي وجهها، طلبت مني السفر إلى أهلها حيث تسكن أختها الكبيرة وزوجها، وأمها وأختها في بيت واحد بسبب الظروف التي طرأت علينا في الشام.
أرسلتها أربع مرات للزيارة، وفي المرة الرابعة انتبهتُ أن زوج أختها الذي -هو رجل طيب ومحترم، وحافظ لأم زوجتي وابنتها-، يدخل بيته ويخرج، ويصعد ويدخل المطبخ من دون استئذان أبدًا، ظانًا أنه في بيته، وإذا تحدث أو وجه سؤالًا لزوجتي لا يغض بصره على الإطلاق، مع العلم أن زوجتي تحاول تقليب نظرها بين الأرض تارة، وبيني وبينه تارة أخرى، ولذلك غِرْتُ عليها، وطلبتُ منها ألا تنظر إليه على الإطلاق إذا تحدث، لعله يفهم أن حديثه لها أمر غير مرغوب فيه، وألا تدخل في مشاركة حديث من غير ضرورة.
وقلت لها: إني في المرة القادمة سأستأجر لك منزلًا، لأني لا أستطيع الجلوس في هولندا وأنت تكونين مضطرة أحيانًا لشرب القهوة أو الإفطار معه، ومع أمك، لأن أختها تعمل، وهو غالب الأوقات في المنزل، لأن دوامه متقلب، وأخبرتها أنه حتى في حال جلست مع أهلك، فهو رجل أجنبي عنك، ولا أرتضي لك ذلك، ولكنها أصرت أنها ملتزمة دائمًا في لباسها بوجوده وعدمه، وآخذة بالاحتياطات، سواء طلب إذنًا أم لم يطلب، وإذا جلستْ تكون دائمًا مع محرم لها، كأخيها أو أمها، واعتبرتني أقلل من ثقتي فيها، رغم أني أقسمت مرات عدة أني لم أفكر بذلك في حياتي، حتى في عقلي، فهي تاج رأسي بين الناس، ووالله أني لأقدرها وأحبها أكثر من نفسي. لكني لم أقتنع بكلامها، لأنه رجل أجنبي وفق ديننا وشرع ربنا. فهل أكون قد ظلمت زوجتي؟
أرشدونا للحق -رحمكم الله-، هل غيرتي عليها بهذا الموقف ظلم لها وفي غير مكانها؟
علمًا أني منذ 20 يومًا تقريبًا، وأنا أتحدث معها وأراضيها، وهي تقول لي: إني لم أعطها مساحة لتتعافى. ووالله أنني في العشر سنوات التي مرت من حياتنا، لم أرض أن تبيت ليلة حزينة إذا ما طرأ شيء بيننا، وإني أبتغي رضاها لا أكثر، ومتعلق بها كالطفل يتعلق بأمه؛ لأني أعلم أنها فضلٌ من الله عليّ، بدينها، وأخلاقها، ويجب علي المحافظة عليها.
أخبرتها أن الحل بأن ننطلق من نقطة نتفق عليها نحن الاثنان، وهي المحبة التي بيننا، ثم نحاول معالجة المواضيع واحدًا تلو الآخر، ولكني أشعر -وعلى غير العادة- أن كلامي لا يصلها.
انصحوني، بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يبارك لك في زوجتك، ويقرّ عينك بها، ويحفظكما من شر نزغات الشيطان.

ثم اعلم أنّ ما طلبته من زوجتك بخصوص تحفظها في معاملة زوج أختها؛ ليس فيه ظلم لها، وغيرتك عليها على الوجه المذكور في السؤال؛ ليس فيها ظلم لها، وليست غيرة في غير محلها، فهي غيرة محمودة ليس فيها مبالغة.

ونصيحتنا لك: أن تستعين بالله تعالى، وتستعيذ بالله من الشيطان، وتدعو الله أن يصرف عنكما السوء، وتتفاهم مع زوجتك بحكمة، وتبين لها أنّ غيرتك عليها، وحرصك على صيانتها على الوجه المذكور؛ ليس فيها إساءة ظن بها، أو ضعف ثقة بدينها وخلقها، بل هي دليل محبة وإكرام لها، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغار على نسائه، وهن أطهر النساء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني