الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحرش بقريبته وهما صغيران ويخاف من عواقب طلب مسامحتها

السؤال

تحرشت ببنت عمي، وأنا طفل، وهي طفلة، ومر على الحادثة أكثر من: 10 سنوات، والآن بعدما أصبحنا كباراً، واهتديت، وتبت، ورجعت إلى الله، والتزمت كل الالتزام، وأعتبر الآن من الشباب المثال الطيب في المجتمع بالصلاح، وخصوصاً في مثل هذه المواضيع - بعدما كنت من مقترفي الإجرام في طفولتي- ومن أشد المحاربين لها، ولا أقوم بالعادة السرية، ولا أشاهد الإباحية، ولا أختلط بالجنس الآخر بعيداً عن الضوابط -أي أنني انقلبت: 180 درجة، بفضل الله- وأحاول كل الجهد أن أعف نفسي بالحلال، وأسعى لذلك، والشاهد من السؤال أنني الآن يروادني شبح هذا الذنب، ويأكلني التأنيب كلما رأيتها، ولا أستطيع طلب مسامحتها، لأنها قريبتي، وسيسبب ذلك ضررا كبيرا لي، ولها، وقد يذكرها بشيء احتاجت سنوات للتعافي منه، ويمكن أن أعيدها لنقطة الصفر، وأكون سبب انتكاستها، وهي بفضل الله على أبواب الزواج، وأنا الآن نادم جداً، وأخاف من أنه يجب علي طلب مسامحتها، لأنه يدخل في حقوق الأشخاص التي لا نبرأ منها إلا بإعادتها، والاستسماح من أهلها، وأخالها مسامحة، لأنها في أكثر من موقف في حياتها بعد الحادثة التجأت إلي، لثقتها بصواب رأيي، ولأنني سأكون خير ناصح، وسوف أحل لها هذه الإشكالات، لكنني لا أعلم، ولا أستطيع الجزم بمسامحتها، ولا أستطيع سؤالها الآن، لأن الموضوع حساس جداً، وقديم، ولا بد من المواجهة التي لا تؤمن عقباها، مع العلم أن أهل كل من الطرفين علم بالأمر في وقتها، فماذا أفعل في حال هكذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما فعلته مع بنت عمك قد حصل منك قبل بلوغك شرعًا؛ فلا يجب عليك استسماحها، ولا استسماح والديها، ولا غيرهم؛ لأن العبد قبل البلوغ مرفوع عنه قلم التكليف، وقد سبق أن ذكرنا أدلة ذلك، وعلامات البلوغ الشرعية في الفتوى: 5074.

وأما إن كنت فعلت ذلك بعد البلوغ؛ فالواجب عليك التوبة منه توبة نصوحا، وأما استسماح البنت، أو غيرها، فلا يجب عليك، لأن مفسدته أعظم من مصلحته، ولأن القرائن التي ذكرتها في سؤالك من تبادل الزيارات بين أسرتيكما، والتجاء بنت عمك لك في تدبير شأنها الخاص، وانتفاعها بنصحك وتوجيهك تفيد أنهم سامحوك وعفو عنك، ومع ذلك أكثر من الدعاء بظهر الغيب لبنت عمك ووالديها.

والذي ننصحك به أن تهمل هذا الأمر، وأن لا تكثر التفكير فيه؛ لأن الشيطان حريص على تكدير حياة المسلمين وإحزانهم، وقد يكون من مكر الشيطان أن يجعلك تكلم الفتاة في هذا الموضوع مرة أخرى، ليفسد عليك توبتك، مما يوقعك في الفتنة، ويفتح عليك باب شر كنت في سلامة منه! فأقبل على شأنك، وجدد توبتك، وحافظ عليها مما يخرمها، ولا تغتر بثناء الناس عليك، واجتهد في إكمال نقصك، واستعن بالله تعالى على كل ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني