الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الطاعات مخافة الرياء من كيد الشيطان

السؤال

كنت لا أقوم بحق الله سبحانه وتعالى في طاعته لفترة طويلة من حياتي، وتبت إلى الله -والحمد لله- أداوم على الصلاة في جماعة، وقيام الليل ما استطعت، وذكر الله سبحانه وتعالى طوال اليوم أيضا ما استطعت، راجيا من الله أن يعفو عني، ويغفر لي ذنوبي، وأحفظ القرآن، وأحيانا أكون إماما بالناس في الصلاة، وصوتي جميل..... إلى حد ما، والناس يتعجبون من حسن صوتي عند القراءة، وأسجل القرآن بصوتي، وأريد نشره بالصوت والصورة على السوشيال ميديا، ولكنني أخاف أن يكون هذا من الرياء والسمعة، لأن الناس يقولون عني كان كذا، وأصبح كذا، فأرجو نصيحتي، فهل أكمل ما أنا عليه من إمامة الناس في الصلاة، وتسجيل القرآن بصوتي، ونشره؟ أم أبتعد عن هذا كله؟
وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك بالتوبة، والاشتغال بالطاعات، وننصحك بالمواصلة في عمل الخير، وإمامة الناس، وتسجيل القرآن، ولا تترك الخير خوفا من الرياء، بل جاهد نفسك، واحملها على الإخلاص، واحتساب الأجر عند الله تعالى، فليس علاج الرياء بترك العمل، بل هذا استسلام لكيد الشيطان.

وقد قال الفضيل رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية، والمنح المرعية -1- 266: لا ينبغي ترك العمل المشروع خوف الرياء، مما يقع للإنسان أنه أراد فعل طاعة يقوم عنده شيء يحمله على تركها خوف وقوعها على وجه الرياء، والذي ينبغي عدم الالتفات إلى ذلك، وللإنسان أن يفعل ما أمره الله عز وجل به، ورغبه فيه، ويستعين بالله تعالى، ويتوكل عليه في وقوع الفعل منه على الوجه الشرعي، وقد قال الشيخ محيي الدين النووي - رحمه الله: لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعا، ويقصد به وجه الله عز وجل، وذكر قول الفضيل بن عياض - رحمه الله: إن ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك- قال: فلو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لانسد عليه أكثر أبواب الخير. انتهى كلامه.

قال أبو الفرج بن الجوزي: فأما ترك الطاعات خوفا من الرياء: فإن كان الباعث له على الطاعة غير الدين، فهذا ينبغي أن يترك؛ لأنه معصية، وإن كان الباعث على ذلك الدين، وكان ذلك لأجل الله عز وجل مخلصا، فلا ينبغي أن يترك العمل؛ لأن الباعث الدين، وكذلك إذا ترك العمل خوفا من أن يقال: مراء، فلا ينبغي ذلك، لأنه من مكايد الشيطان، قال إبراهيم النخعي: إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة، فقال: إنك مراء، فزدها طولا... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني