السؤال
كيف نجمع بين قوله تعالى: "إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم"، وحديث البخاري: "قال ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا، أَفَأَقْتُلُهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ" وحديث أسامة: أَقَتَلْتَه بعد أن قالها؟
فمن المعلوم أننا إذا كنا في الحرب نقتل المحاربين بعد أن أنذرناهم أن يستسلموا، فلم يستمعوا لنا، فنزلنا عليهم فقدرنا عليهم، فجاز قتلهم حتى لو قالوا ما قالوا. أو كيف ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فالآية المذكورة نزلت في المحاربين وقطاع الطريق من أهل الإسلام، على الصحيح من قولي المفسرين.
قال الألوسي: ذهب أكثر المفسرين- كما قال الطبرسي، وعليه جملة الفقهاء- إلى أنها نزلت في قطاع الطريق. انتهى.
فهؤلاء المذكورون يرغبون في التوبة، والكف عن المحاربة، فإن تابوا قبل القدرة عليهم قُبِل منهم ذلك، وسقطت عنهم حقوق الله تعالى.
وأما ما للعباد من دم أو مال؛ فلا يسقط، بل إن طالب به المستحق أُخذ به القاطع للطريق.
وأما من كان كافرا فأسلم، فليس هو من أهل هذه الآية، بل هذا يكف عنه -وإن كان إسلامه بعد القدرة عليه-، كما دل عليه حديث أسامة. فالآية في شأن، وهذه الأحاديث في شأن آخر مغاير له.
والفرق بينهما بَيِّنٌ: فإن من التزم أحكام الإسلام عومل بمقتضى ما التزم به، فأقيمت عليه الحدود وثبتت عليه الحقوق.
بخلاف الكافر الأصلي الذي اقتضت الحكمة ترغيبه في الإسلام، فيعصم دمه وماله بنطق الشهادتين بكل حال.
والله أعلم.