الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إعطاء الزكاة لمن لديها بيت وحلي لتعيل نفسها وعيالها

السؤال

تملك بيت العائلة، وهو قديم، وفيه غرفتان قديمتان جدا، وتأخذ إيجارا ضعيفا، وبيتا تسكن فيه مع عيالها، وسواران، وعليها ديون، وتحتاج تصحيح بيت العائلة؛ لأنه قديم، وتحتاج قضاء الديون. هل يجوز لها أخذ الزكاة؟ مع العلم أنها ليس لها راع إلا ابن، وبنات، عاجزون عن قضاء الديون، وتصليح البيت، والزوج متوفى، ودخلها محدود، لا يكفي المعيشة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه المرأة، وعيالها لا يجدون ما يكفي لمعاشهم، ويسد حاجاتهم الأساسية من نفقة، ونحو ذلك، إضافة لما عندهم من الديون، والحاجة لترميم البيت، فالظاهر أنهم من مصارف الزكاة، ولا يؤثر على ذلك ملكهم لهذا العقار القديم ما دام لا يكفيهم.

فقد قال في مغني المحتاج: الفقير هو من لا مال له، ولا كسب يقع جميعهما، أو مجموعمها موقعا من حاجته، والمراد بحاجته ما يكفيه مطعما، وملبسا، ومسكنا، وغيرها مما لا بد له منه على ما يليق بحاله، وحال من في نفقته، من غير إسراف، ولا تقتير. انتهى باختصار.

وفي نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه الشافعي: ومن له عقار ينقص دخله عن كفايته فقير، أو مسكين بناء على إعطائه كفاية العمر الغالب كما يأتي، نعم إن كان نفيسا، ولو باعه حصل به ما يكفيه دخله لزمه بيعه فيما يظهر .انتهى.

وفي الشرح الكبير لابن قدامة: وجملة ذلك أنه إذا ملك مالا تتم به كفايته من غير الأثمان، فإن كان مما لا تجب فيه الزكاة، كالعقار، ونحوه لم يكن ذلك مانعا من أخذها. نص عليه أحمد، فقال في رواية محمد بن الحكم: إذا كان له عقار يستغله، أو ضيعة تساوي عشرة آلاف، أو أقل، أو أكثر لا تقيمه، يأخذ من الزكاة، وهذا قول الثوري، والنخعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافا؛ لأنه فقير محتاج، فيدخل في عموم الآية، فأما إن ملك نصابا زكويا لا تتم به الكفاية، كالمواشي، والحبوب، فله الأخذ من الزكاة.انتهى.

وأما عن الأساور، فإنها لا تمنع من دفع الزكاة لها، إذا كانت تحتاجها للتحلي بها، أو تحلية بناتها.

فقد قال الحجاوي في الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 291): قال أحمد: إذا كان له ضيعة، أو عقار يستغلها عشرة آلاف، أو أكثر لا تكفيه ـ يأخذ من الزكاة، وقيل له ـ يكون له الزرع القائم، وليس عنده ما يحصده أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم، قال الشيخ ( يعني شيخ الإسلام ابن تيمية): وفي معناه ما يحتاج إليه؛ لإقامة مؤنته، وإن لم ينفقه بعينه في المؤنة، وكذا من له كتب يحتاجها للحفظ، والمطالعة، أو لها حلي للبس، أو كراء تحتاج إليه، وإن تفرغ قادر على التكسب للعلم، وتعذر الجمع أعطي.... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني