السؤال
قريبة لي تزوجت دون إذن والدها؛ لأنه رفض الخاطب، وهي كانت قد وافقت عليه في محكمة بولي مجهول، وشهود مجهولين، ويرفض مصالحتها، ويقول هي الآن في حالة زنا، فكيف نقنعه أنه زواج صحيح؟ وكيف نصلح بينهم؟ وهل يجب فسخ العقد، والعقد من جديد؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا رغبت المرأة في الزواج من كفء لها؛ فلا حقّ للولي في منعها من تزوجه، وإذا منعها تَعَنُّتًا؛ كان عاضلًا لها، وانتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء، أو إلى القاضي ليزوجها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان. انتهى.
وراجع الفتوى: 484693.
وما دامت المرأة رفعت أمرها للقضاء الشرعي، فزوجها القاضي؛ فليس بوسعنا أن نتكلم في المسائل التي رفعت للقضاء، ولا يجوز لأبيها -أو غيره- أن يرميها بالزنا، وليس له أن يحكم ببطلان زواجها، ولكن له أن يرجع إلى القضاء، أو يعرض المسألة على أهل العلم المشهود لهم بالفقه، والديانة في بلده.
وأمّا الإصلاح بين الأب وبين بنته؛ فهو من أفضل الأعمال الصالحة، وسبيل الإصلاح يكون بتدخل بعض الصالحين من الأقارب، أو غيرهم، ليبينوا للبنت أنّ عليها برّ أبيها، والإحسان إليه في كل حال، ويبينوا للأب أنّ عليه صلة ابنته، وأنّ القطيعة محرمة، إلا إذا كانت طريقا للإصلاح، وأنّ العفو عن المسيء من أحب الأعمال إلى الله، وهو سبب لنيل عفو الله، ومغفرته، قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التغابن: 14}.
قال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: لأن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له، ومن عامل الله فيما يحب، وعامل عباده كما يحبون، وينفعهم، نال محبة الله، ومحبة عباده، واستوثق له أمره. انتهى.
والله أعلم.