الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم يمين الطلاق بالثلاث

السؤال

زوج قال لزوجته: عليَّ الطلاق بالثلاث لن تقومي بعمل لأهلك مرة أخرى، بحكم أنها محامية، وذلك كان وقت غضب. ونظرا لأن هذا يمكن أن يتسبب في مشاكل، ويجعلهم يغضبون منه، فهو يريد أن يتراجع عن حلفه. فهل يمكن أن يرجع عن الحلف أم لا؟ وإذا كان سيخرج كفارة، فهل يمكن للزوجة أن تخرجها من مالها الخاص؟وما هو مقدار الكفارة؟ وهل هذا الحلف يطبق على العمل الموجود من قبل الحلف، ولم ينته بعد أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا: أنّ الزوج لا يملك التراجع عن يمين الطلاق، وأنّه إذا حنث فيه؛ وقع طلاقه؛ سواء أراد إيقاع الطلاق، أو أراد التأكيد والتهديد ونحوه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً، وأن الغضب الذي لا يزيل العقل بالكلية؛ لا يمنع وقوع الطلاق، وهذا قول أكثر أهل العلم.

لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق.

ويجوز إخراج كفارة اليمين من مال الزوجة -أو غيرها- بشرط إذن الزوج. وراجعي الفتوى: 281077098490

وعند قصد الطلاق يرى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة. وانظري الفتويين: 11592 ، 337432

وعليه؛ فالمفتى به عندنا؛ أنّ زوجك إذا حنث في يمينه؛ وقع عليك الطلاق الثلاث، وبنت منه بينونة كبرى.

والمعتبر في حنث زوجك في اليمين المذكورة في السؤال؛ هو قصده ونيته بما تلفظ به؛ فالراجح عندنا؛ أنّ النية في اليمين تخصص العام وتقيد المطلق.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......

والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص، .......ومنها، أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.

فإن كان زوجك قصد بيمينه منعك من العمل في قضايا أهلك كلها، حتى إكمال ما بدأت العمل فيه؛ فإنّه يحنث إذا أكملت العمل لأهلك.

وأما إذا قصد منعك من العمل مستقبلا، ولم يقصد منعك من إكمال ما شرعت فيه؛ فلا يحنث بإكمالك العمل لهم.

وإذا لم يكن له قصد معين؛ فالمرجع إلى سبب اليمين؛ هل يقتضي منعك من إكمال العمل أم لا.

وما دام في المسألة خلاف بين أهل العلم وتفصيل يتوقف على معرفة نية الزوج، أو سبب اليمين. فالصواب أن يشافه زوجك من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم والديانة، ويعمل بفتواهم.

وعلى زوجك أن يجتنب الحلف بالطلاق؛ فالحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى.

وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه؛ ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني