الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوجها وهي حامل منه من الزنا ثم طلقها ثلاثا

السؤال

والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين، أما بعد:
أنا زوج يعيش في منعرج حيرة بالغة الشدة، مما دعانا أن نلتمس من سيادتكم مخرجاً، كلنا أملاً أن يكون سريعاً، ولا نقول ناجعاً (لأن ثقتنا بكم ثابتة)، فإليكم جملة الوقائع والتساؤلات التي طالما طرحناها على أنفسنا وحاولنا أيضاً أن نبحث عن حلول لها سواء بصفة شخصية أو باللجوء إلى بعض الجهات الدينية في بلدنا، واستقينا من هذه الأخيرة أحكاماً مختلفة في الشكل والمضمون، هذا ما دفعنا في آخر المطاف أن نختم بحثنا باللجوء إلى مصدر موثوق به لعلمنا بأنكم لا تنهل معرفتكم من مذهب واحد وبتعصب إليه بل وحتى من غير المذاهب الأربعة تستقون معرفتكم طالما كان ذلك على غير تناقض بما ورد في الكتاب والسنة فديننا دين يسر ولا عسر، الذي حدث هو أنه قبل 5 سنوات حدث تعارف بيننا وإنجذاب كل واحد اتجاه الآخر مما دفعنا إلى توجيه وعود متبادلة بالزواج والوفاء، بعد ذلك في أحد الأيام توجهت (الزوجة) إلى طبيبة فذهلت لمفاجئتها لي بخبر حملي ليس ذلك فحسب بل في الشهر 3، والذي لم أتوقعه البتة لكوني كنت عذراء أنذاك ولم يحدث إلا اتصال سطحي (بالزوج حالياً) بعبارة أدق لم يحدث أبداً إيلاج بالمعنى الحقيقي الذي يقول عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، كالمرود بالمكحلة، وقيل لنا في هذا الشأن أن هذا الفعل لا يعد بهذه التفاصيل زنى بل خطيئة يمكن التكفير عناه بالتوبة وبإصلاح الوضع، وما قمنا به كأول خطوة بعد إعلان التوبة عن هذه الأعمال الشائنة التي قادنا إليها الشيطان لعنه الله والنفس الإمارة بالسوء، كان إتمام مراسيم خطبة تلاها زواج بأركانه (تراضي، صداق، شهود عدل، حضور والدي الزوج والزوجة) تحت الفاتحة والدخول مباشرة واكتشاف الحمل بأيام بصفة علنية، لكن حالياً وبعد مرور 5 سنوات من زواجنا سارت علاقتنا مشكوك في صحتها من فسادها خاصة بعد أن أكد لنا مؤخراً إثنان من الأئمة في بلدنا أنه فاسد وينبغي معاودته، والحقيقة أن هذا الحكم فضلا عن كونه يخدمنا يفرحنا في قرارة أنفسنا لماذا؟ لأنه فترة الزواج تلفظ الزوج بكلمة الطلاق 3 مرات جاءت نتيجة تهور تعقبها ندم شديد، فما كان من إلا طلب الاعتذار والمراجعة مباشرة بعد الحادث في كل كرة وكانت الاستجابة فما يربطنا من عواطف نبيلة أقوى من أن يكون هناك صد، وإذا كان هناك تفصيل في هذه الطلقات فهو كما يلي: في أول طلقة يغلب علي (الزوجة) الظن لدرجة كبيرة جداً جداً لم يصل إلى اليقين على أنه تم وأنا حائض علما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر هذا الطلاق بدعياً ويأمر فيه بالمراجعة وهناك الكثير من المفسرين الذين لا يعتبرونه طلاقاً أصلاً، أما المرة الثانية فكان نتيجة غضب شديد وواسع النطاق، وأما المرة الثالثة تم في خلال شهر رمضان بينما أنا حامل في الشهر السادس (جاءت الطلقات متفرقة)، أخيراً تقبلوا شكرنا الجزيل، ونرجو كل الرجاء ونلح كل الإلحاح على تلقي الجواب السريع وشاف مع الدليل الذي يضع حداً لقلقنا ويساعدنا على إيجاد مخرج يعيدنا إلى عشرتنا التي لا نود أن نفرط فيها، فإن كان ذلك سيكون درساً لكلانا في التعقل كما نرجوا معرفة موضع الولد الأول والجنين الذي لم يولد بعد بالتبعية لتلك الوقائع، جعل لكم الله مخرجاً من كل ضيق؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في حكم زواج الحامل من الزنى بمن زنت منه على قولين: أحدهما: المنع وإليه ذهب المالكية والحنابلة، وثانيهما: الجواز وهو للحنفية والشافعية، على ما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 4115.

وبناء على قول الحنفية والشافعية بصحة النكاح فإن الزوج إذا طلق والحالة هذه لحق الطلاق زوجته ووافقهم المالكية في صحة الطلاق، حيث قرروا أن كل نكاح مختلف في صحته وفساده ولو بقول خارج المذهب وفسخ كان فسخه بطلاق، قال خليل بن إسحاق المالكي: وهو طلاق إن اختلف فيه. قال شارحه الخرشي: يعني أن الفسخ في النكاح المختلف في صحته وفساده ولو كان خارج المذهب حيث كان قويا يكون طلاقا بمعنى أن الفسخ نفسه طلاق أي يحكم عليه بأنه طلاق. انتهى. لكنه طلاق بائن.

والطلاق إذا تقرر لحق المرأة في الحمل وفي الحيض على الصحيح من أقوال الفقهاء، وانظري الفتوى رقم: 29991.

فمما تقدم يعلم أن العقد الذي ذكرت السائلة مختلف في صحته وعدمها فعلى القول بصحته واعتباره فالطلقات الثلاث التي صدرت من الزوج فيه معتبرة ولا تحل المرأة بعدها حتى تنكح زوجاً آخر نكاحاً صحيحاً ويدخل بها ثم يفارقها، فإذا انتهت العدة عقد عليها الزوج الأول عقداً جديداً.

أما على القول بعدم اعتباره أو بأن الطلاق الأول منه طلاق بائن فلا حرج على ذلك الرجل في نكاح تلك المرأة نكاحاً مستأنفا بشروطه من ولي وشهود وغير ذلك.

أما إيقاع الطلاق من الغضبان فقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 1496 فلتراجع.

وعلى العموم فإننا ندعوكما إلى الرجوع إلى المحاكم الشرعية ببلدكما .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني