الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس لأحد من الورثة أن يتصرف في غير حصته من التركة وإلا فهو في حكم الغاصب

السؤال

نعيش في بلد عربي مر بحرب، وقد قتل غدرا رب الأسرة. خلال تلك الفترة تم بيع بيت الوالد المقتول من قبل ابنه البكر، وأمه، على أنه لازال على قيد الحياة بورقة مزورة بدون أخذ رأي الورثة؛ لتسهيل عملية البيع بسبب ظروف البلد في وقتها، ولكن المشكلة تتلخص بعدم إعلام الورثة بذلك، وتم الاستفادة من مبلغ البيع؛ لشراء بيت ثان في منطقة أكثر أمنا، وسجل باسم زوجة المتوفى، وهنا أيضا لم يتم إعلام الورثة، إلا بعد إتمام عمليتي البيع والشراء، علما أن الورثة فيهم بنات بالغات، ومتزوجات. بعد مرور عدد من السنوات كان الاعتقاد بأن البيت الجديد باسم الأب، وعند الاستفسار عن الإرث كان رد الوالدة بأن البيت باسمها، وليس لأحد حق فيه طالما هي على قيد الحياة، كونها تعتقد بأن الابن البكر أخذ موافقة الورثة في وقتها، ولكن هذا لم يحدث مطلقا على الأقل مع أحد من البنات. البيت الجديد -حاليا- مؤجر، والأم تسكن خارج بلدها الأصلي، وتستفيد من مبلغ الإيجار؛ للسكن، والمعيشة، علما أنها تستلم راتبا تقاعديا باسم المتوفى. فهل عملية بيع بيت المتوفى، وتسجيل البيت الثاني باسم الأم بدون علم الورثة باطلة من الأساس؟ علما أنه تم إبلاغهم بعد إتمام الأمر، بل إن إحدى البنات علمت بأن البيت باسم الأم مؤخرا بعد مرور عدد من السنوات. وهل مبلغ الإجار طيلة هذه السنوات من حق زوجة المتوفى، أم للورثة حق فيه؟يرجى إفادتنا، ولكم من الله الأجر والثواب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففصل النزاع في مسائل الميراث، والحقوق المشتركة مَرَدُّهُ إلى القضاء، أو من ينوب منابه، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك. وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة، إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم في مثل هذه القضايا.

والذي يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم لا في خصوص سؤاله: أنه لا يجوز لأحد من الورثة أن يتصرف، إلا في حصته من التركة، ومن فعل ذلك دون إذن الورثة، فهو في حكم الغاصب، وتصرفات الغاصب باطلة، إلا إن أجازها المالك، فإذا لم يجزها لم تنفذ، ويقع ضمان المغصوب على الغاصب، ومن جملة ذلك ضمان منافع المغصوب في مدة الغصب، وذلك بدفع أجرة مثله إلى يوم رد عين المغصوب، أو رد قيمته، إذا تعذر رد العين.

قال المرداوي في «الإنصاف»: المقبوض بعقد فاسد لا يملك به، ولا ينفذ تصرفه فيه. على الصحيح من المذهب ... وعلى ذلك يضمنه، كالغصب، ويلزمه رد النماء المنفصل، والمتصل، وأجرة مثله مدة بقائه في يده، وإن نقص ضمن نقصه، وإن تلف، فعليه ضمانه بقيمته. اهـ.

وجاء في «شرح المنتهى» للبهوتي: (وما صحت إجارته من مغصوب، ومقبوض بعقد فاسد)، كرقيق، ودواب، وسفن، وعقار، (فعلى غاصب، وقابض) بعقد فاسد (أجرة ‌مثله ‌مدة ‌بقائه بيده)، فتضمن منافعه بالفوات، والتفويت، أي: سواء استوفى المنافع، أو تركها تذهب ...، (ومع عجز) غاصب (عن رد) مغصوب تصح إجارته، تلزم أجرته (إلى) وقت (أداء قيمة). اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني