الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توكيل المرأةِ ابنَ خالتها في عقد نكاحها

السؤال

هل يجوز للبنت أن توكل ابن خالتها في عقد النكاح، مع وجود أبناء عم من العصبة، وهم لا يعلمون بهذا العقد؟ وإذا حدث هذا الأمر، فهل يعتبر العقد باطلا، مع العلم أن هذا العقد تم عن طريق شيخ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يصحّ أن توكل المرأة ابن خالتها في تزويجها؛ فجماهير أهل العلم على أنّ المرأة لا يصح أن تزوج نفسها، أو توكل في تزويجها غير وليها.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا، وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا تَوْكِيلَ غَيْرِ وَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا. فَإِنْ فَعَلَتْ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ. رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَأَبِي يُوسُفَ: لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ فَعَلَتْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا، وَغَيْرَهَا، وَتُوَكِّلَ فِي النِّكَاحِ. انتهى. وراجع الفتوى: 280042.

وولي المرأة على الترتيب على القول الراجح عندنا، هو: أبوها، ثم جدها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم، وإن سفلوا، ثم العمومة.

أمَّا ابن الخالة؛ فليس من العصبات، ولا ولاية له في التزويج.

جاء في الجامع لعلوم الإمام أحمد: قال ابن هانئ: قلت: يزوج الخال، وابن الخال، وابن الخالة؟ قال: لا يزوج، إلا عصبة مثل: عم، وابن عم، وأخ، وابن أخ. انتهى.

وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا ولاية لغير العصبات من الأقارب، كالأخ من الأم، والخال، وعم الأم، والجد أبي الأم، ونحوهم. نص عليه أحمد في مواضع. وهو قول الشافعي، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة. انتهى.

وعليه؛ فإن كان للمرأة ابن عم يصلح لولاية الزواج؛ وزوجها ابن خالتها؛ فالزواج غير صحيح عند أكثر العلماء، ومثل هذه المسائل محل الفصل فيها للمحكمة الشرعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني