الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء المنتجات المقلدة والتصرف فيها

السؤال

لقد اشتريت من أحد الأشخاص سماعات على أساس أنها أصلية، ثم تبين أنها مقلدة تقليدا ممتازا
وعندما اتصلنا بالشخص قام بقطع الاتصال، وبحظري من الفيسبوك، وقد بعتُ هذه السماعات وخسرتُ تقريبا نصف ما دفعتهُ.
وقد رأيتُ فتوى أنه يجب التصدق بقيمة البضاعة الأصلية التي تبيعها الشركة الأُمّ، فهل هذا صحيح؟ مع العلم أن ثمن السماعات الأصلية باهظ نوعا ما.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فتقليد العلامات التجارية لا يجوز فعله دون إذن أصحابها؛ لما في ذلك من انتهاك حقوقهم المحفوظة، والضرر المالي الذي يلحق بهم، ويستحقون به تعويضًا ماليًّا عادلا.

وأما السلعة نفسها فهي مال مباح متقوم، وملك لصاحبه، وله الانتفاع به من غير أن يغش به غيره، ولا يبيعه لمن يريد أن يغش به؛ لأن الحق -كما أشرنا- يتعلق بذمم المنتجين، لا بعين السلع، فلا يلزم إتلاف السلع المغشوشة.

قال ابن رشد في «البيان والتحصيل»: سئل مالك عن الرجل يشتري الزعفران فيجده مغشوشا؛ أترى أن يرده؟ قال: نعم، أرى أن يرده. وليس عن هذا سألني صاحب السوق، إنما سألني أنه أراد أن يحرق المغشوش بالنار لما فيه من الغش، فنهيته عن ذلك. اهـ. فنهى -رحمه الله- عن إتلافها.

وعلى هذا فالسلع المقلدة يتعلق بها أمران:

أولهما: حق صاحب العلامة التجارية.

وثانيهما ما فيها من غش.

والجهة فيهما منفكة، فحق صاحب العلامة مضمون له على منتهك ذلك الحق.

وأما عين السلعة فلا علاقة لصاحب العلامة بها، لكنها مغشوشة، والمغشوش لا يتلف بل ينتفع به على وجه مباح، وهذا التفريق بين عين السلعة، وبين ذمة صاحبها؛ قريب مما ذكره بعض أهل العلم في عقوبة الذي يغش في صناعته، أو سلعته، فلم يروا إتلافها، وإنما تباع لمن لا يغش بها، أو يتصدق بها على المساكين.

قال ابن رشد في «البيان والتحصيل»:...وأما من وجد عنده من ذلك شيء مغشوش لم يغشه هو، وإنما اشتراه، أو وهب له، أو ورثه، فلا اختلاف في أنه لا يتصدق بشيء من ذلك، والواجب أن يباع ممن يؤمن أن يبيعه من غيره مدلسا بذلك. اهـ.

ولذلك نقول: إن الجهة منفكة، فالسلعة المقلدة المباحة في ذاتها، لا يحرم شراؤها، ولا بيعها مع بيان حالها من ناحية، ومن ناحية أخرى يتعلق بذمة صانعها الذي قلدها وباعها حق لأصحاب العلامة الأصلية، يقدره أصحاب الخبرة والاختصاص.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني